في علم الطبّ مثلاً
، أو الحقوق المدينة الوضعية ، له نظريّاته وآراؤه ، وله أن يصدِّر أحكاماً في المجال الذي تخصّص فيه والمسلك الذي انتهجه ، وليس لغيره أن يمنعه من إبداء رأيه. نعم لنظائره من أهل الاختصاص أن يناقشوه في مباينه والاُصول التي بنى عليها آراءه وأنظاره ، أو الردّ عليه في تطبيق المبنى والأصل وكيفيّة استنباطه لحكم جزئي من ذلك الأصل الكلّي ، ولكن لا يحقّ لهم أن يمنعوه من الاستنباط طالما توفّرت فيه شروطه وشروط الاجتهاد ، وهكذا الحال في علوم الشريعة طبق القذّة للقذّة ، ومن السخافة والجهل بمكان أن يُمنع المجتهد من الاجتهاد ، أو توصد أبواب الاستنباط ، والقول بسدّ هذا الباب ، وانسداده أشدّ سُخرية وأدعى للجهل ، بلى كانت هناك تدخّلات سقيمة ومحاولات فاشلة ، وهي لا تزال ، ممّن نزعوا جلباب الحياء ، ومزّقوا حُجُب التقوى ، فجلسوا مجلس الفتيا ، ونزوا على منبر الاجتهاد ، وتقمّصوا ثوب الاستنباط وهم ليسوا من أهله ، بل بينهم وبينه ما بين المشرقَين ، إمّا لدوافع شخصيّة وطلباً للمكانة الاجتماعية والجاه الدنيوي الزائف الزائل ، وإمّا لدوافع سياسية ، وهذا القسم عمل تارةً لدنيا غيره ، وخدمة للخليفة والسلطان ،