ويتخصّص فيها ، فليس الوجوب في الاجتهاد عينياً بل هو فرضٌ كفايةٍ بحكم العقل أو بسيرة العقلاء ، ( فَلَوْلاَ نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ ) ، فالتفقّه في كافّة علوم الشريعة ممدوح لذاته ، وإن كان في العلوم العمليّة كالتّفقّه في الأحكام الشّرعيّة وفروع الدين وعلم الأخلاق مطلوباً لغيره أيضاً ، أي طريقاً للعمل ، ولعلّ هذا القسم من العلوم طريقي مطلقاً لا مطلوبية ذاتية له أصلاً ، ( وَلِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ ) ، فإذا وجب الإنذار والتبليغ على المجتهد وجب القبول والتقليد على المكلّف غير المجتهد ، ويؤيّده قوله تعالى أخيراً : ( لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ ) (١).
نعم ، لمّا كان التقليد عند العقلاء ليس مطلوباً بذاته بل مطلوب لغيره فهو طريق للتوصّل إلى حكم الشرع ليس إلاّ ، فغير المجتهد مخيّر بين التقليد والاحتياط ولا ثالث لهما ؛ إذ كما أنّ التقليد طريق إلى امتثال حكم المولى تبارك وتعالى عند العقلاء ، فالاحتياط أيضاً طريق عندهم ، وإذا كان التقليد لا يفيد سوى الحجّية
__________________
(١) التوبة : ١٢٢.