والنوايا الصادرة من الجوانح ، فلا تخلو حركة من حركاته ، ولا سكون من سكناته عن تكليف إلٰهي ، قال أمير المؤمنين عليهالسلام : « يا كميل ، ما من حركةٍ إلاّ وأنت تحتاج إلى معرفة » (١) ؛ ولهذا أوجب على كافّة الناس أن يلبّوا نداء الفطرة ويستجيبوا لحكم العقل ، فيبحثوا ويتفحّصوا عن تكاليفهم وأحكامهم التي تكون مورد ابتلائهم في حياتهم اليومية ، سواء في جانب العبادات أو جانب المعاملات ، وفي حال التقصير يستحقّون العقوبة الإلٰهيّة على عدم التفحّص وتركهم للتعلّم وعزوفهم عن طلب المعرفة ؛ لأنّ العقل السليم والفطرة السليمة يهديان الإنسان إلى وجود أحكام إلٰهيّة ولو على نحو الاحتمال أو العلم الإجمالي بضميمة الأدلّة النقليّة التي وصلتنا بواسطة الرسل والأنبياء ؛ لأنّ الحكيم لا يفعل لغواً ، ولا يصنع عبثاً ، وهو إذ خلقنا لزم بالضرورة أن يكون قد خلقنا لغرض ، وكلّ غرض عقلائي لا يتمّ إلاّ بوضع الأحكام والقوانين ، فاحتمال وجود هذه القوانين يكفي عقلاً للحكم بوجوب التفحُّص عن هذه الأحكام والقوانين ، ويكفي
__________________
(١) بحار الأنوار ٧٧ : ٢٧٦.