الشيخ السند : حفلت البشريّة تقريباً قرابة القرنين الأخيرين ، لاسيما التغيّرات في النظام الاجتماعي التي حدثت في المجتمعات الأوربية ، والثورات والانقضاض على الأنظمة الملكيّة المستبدّة ، فتولّدت لديهم فكرة حاكميّة الإرادة الاجتماعيّة ، أو ما قد يسمّى المشاركة الشعبيّة ، ومشاركة عموم أفراد المجتمع في تقرير مصيرهم وإدارة بلدهم ، وإدارة النظام الاجتماعي الذي يحكم فيهم.
وأُطلق عليها عند عدّة من أصحاب فلسفة القانون أو علم الاجتماع بـ « العقد الاجتماعي » ، كما ذكر ذلك جان جاك روسو وغيره من القانونيين والحقوقيّين ، إلّا أنّ هذه النظريّة أخذت في مراحل وأطوار عديدة ، وصيغت بصياغات أيضاً متعدّدة ، وفي بعض الصياغات قد تكون هي تلفيقيّة مع الأنظمة البائدة السابقة ، فمثلاً قضيّة مشاركة الناس في الحكم أخذت صوراً وصياغات مختلفة : بأن تنتخب القاعدة الشعبية النخبة والنخبة هي التي تنتخب الرئيس ، أو أنّ القاعدة هي مباشرة تنتخب الرئيس.
وبعبارة أُخرى ، هناك جدل قانوني على قدم وساق الآن ، ولا يزال موجوداً ، عن دور النخبة مع دور القاعدة العامّة ، وكيف يؤمّن مشاركة عامّة الناس مع التحفّظ على سلامة المسار ، سواء القانوني ، أو الإداري ، أو التدبيري بتوسط النخبة ، وهناك صياغات متعدّدة أُخرى.