الصياغة واجهوا حرج عضال لم يُحلّ إلى يومنا هذا ، وما ذكر ليس إلّا حلولاً نسبيّة لتخفيف الداء ليس إلّا ، بينما سنشاهد في النظريّة الاماميّة هذا المطلب محقّق ; إذ لا يكون للأكثريّة مصادرة لحقّ الأقليّة مهما كان ـ ولو كانت الأقليّة فرداً واحداً ـ وهذه واقعاً من إعجازيات التقنين الإلهي في دين الإسلام ، وفي منهاج أئمة أهل البيت عليهم السلام ، وهذا إعجاز قانوني نستطيع أن نتبجّح به ، ونجبه به المحافل القانونيّة والحقوقيّة بشكل جريء رافعين الرأس.
الأمر الثاني الذي تواجهه النظريّة الديمقراطيّة الآن : هو أنّ أصحاب الثروة والقدرة قد يصادرون آراء العامّة بتغفيلهم ، وبوضعهم في سبات فكري ، أو في جوّ مخادع ، سواء في جانب انتخاب الفرد ، أو في جانب انتخاب القانون الصالح ، أو في مجالات المشاركة ، باعتبار أنّ الطبقة الغنيّة عندها وسائل إعلام ، عندها وسائل التحكّم في الفكر أو ما شابه ذلك.
فحينئذٍ كيف يمكن أن تؤمن المشاركة
الحقيقيّة بشكل صادق ، مع أنّ أسباب القوّة في التحكّم في عقول الأكثريّة وافتعال الجوّ العامّ ، يكون بيد الأقليّة ذوات الثروة والقوّة من وسائل الإعلام ، فعناصر التلاعب بالرأي العامّ بأساليب شيطانيّة دجليّة خلّابة خادعة هي كثيرة ، وتستطيع حينئذٍ القوى الماليّة ذات الثراء أن تتلاعب بالرأي العامّ ، فكيف نؤمن حينئذٍ سلامة بالرأي العامّ وانطلاقه من وعي وصحوة ؟