وأمّا في النظريّة الإماميّة للحكم ، فعند جملة من الكُتّاب ، سواء المستشرقين أو حتى كتّاب أهل سنّة الجماعة ، صوّر بأنّ نظريّة الإمامة هي نظريّة ملكيّة وراثيّة استبداديّة متأثّرة بالملكيّة الكسرويّة.
وقبل أن أُبيّن أنّ في النظريّة الإماميّة يتمّ مراعاة تمام الأُسس التي انطلقت منها الديمقراطيّة ، ومراعاة تمام التوصيّات القرآنيّة في الشورى.
وقبل أن أبدأ في رسم نظريّة الإمامة عند الاماميّة ، من أنّها ليست وراثة ملكيّة نسبيّة بالمعنى الترابي القبلي المطروح في عهود الأنظمة الملكيّة الاستبدادية البائدة ـ وإن كان الكثير عن عمدٍ أو قصدٍ أو جدلٍ أو دجلٍ يحاول أن يصرّ في رسم النظريّة الإماميّة في هذه الصورة ـ فإنّ القرآن الكريم يطرح نظريّة وراثة نوريّة اصطفائيّة ليست هي ترابيّة ، حيث يقول الله تعالى : ( إِنَّ اللهَ اصْطَفَىٰ آدَمَ وَنُوحًا وَآلَ إِبْرَاهِيمَ وَآلَ عِمْرَانَ عَلَى الْعَالَمِينَ * ذُرِّيَّةً بَعْضُهَا مِن بَعْضٍ ... ) (١).
وهنا القرآن الكريم يطرح أنّ آل إبراهيم وآل عمران ليست هي هذه الآل والأهليّة والنسبة القرابيّة ، على غرار النظريّة الكسرويّة أو القيصريّة أو الملوكيّة البائدة ، أو التي لا زالت الآن قائمة في بعض بلدان المجتمع البشري ، بل إنّ القرآن الكريم يُريد أن يقول بأنّ أرضيّة الاصطفاء للمصطفى تحتاج إلى بيئة مؤهّلة وصالحة أيضاً ، وإنّ النسل
______________
(١) آل عمران (٣) : ٣٣ ـ ٣٤.