حكوماتهم منذ العهد الأول إلى يومنا هذا ، قلّما شاهدنا تطبيقاً صحيحاً ودقيقاً للشورى ـ قيل بأنّها تطابق نظريّة الديمقراطيّة تقريباً الموجودة في العصر الحديث في جملة من جوانبها ، لا كلّ جوانبها ; لأنّ من جوانب الديمقراطيّة المطروحة الحديثة أو الليبراليّة عدم التقيّد بديانة خاصّة أو عدم التقيّد حتى برسوم أخلاقيّة ، وهذا طبعا لا يتفق مع نظرية الشورى عند المذاهب الإسلاميّة.
لكن الجوانب المتّفقة ، وهي نحو مشاركة الأكثريّة ، أو حاكميّة الأكثريّة في إدارة الحكم في جانب القوّة التنفيذيّة ، أو اختيار الحاكم الوالي ، فنظريّة الشورى شأنها شأن بقيّة المدارس الديمقراطيّة أيضاً ، أخذت في الاختلاف في التصوير والصياغة : أنّه هل الشورى بمعنى مشاركة كلّ الناس ، أو بمعنى أنّ الناس ينتخبون أهل الحلّ والعقد ، وأهل الحلّ والعقد ـ يعني النخبة ـ هم ينتخبون الحاكم ، أو أنّه لا دور للناس ؟
ولعلّ الأشهر عند علماء أهل سنّة الجماعة أنّ الشورى هي المشورة عند النخبة ، عند أهل الحلّ والعقد ، ونخبويّة هذه النخبة ليست بانتخاب وباستصواب عامّة الناس ، بل الشور والشورى يدور في دائرة النخبة ، والنخبة تتّصف بهذه الصفة بتبع تحلّيها بصفات معيّنة ، وكفاءات معيّنة مؤهلة لها علميّة ، ثمّ حينئذٍ يقوم الانتخاب في تلك الدائرة الضيقة ، وبعبارة أُخرى هي تنتخب الحاكم.
طبعاً هذا الطرح من نظريّة الشورى لا
نستطيع حينئذٍ أن نطابقه