النبى صلّى الله عليه وسلم ، وجمع عثمان كان لما كثر الاختلاف في وجوه القراءة ، حتى قرأوا بلغاتهم من اتساع الّلغات ، فأدى ذلك إلى تخطئه بعضهم بعضاً ، فخشي من تفاقم الأمرفي ذلك فنسخ تلك الصحف في مصحف واحد مرتّباً لسوره ، واقتصر من سائراللّغات على لغة قريش ، محتجاً بأنه نزل بلغتهم ، وإن كان قد وسع في قراءته بلغة غيرهم ، رفعاً للحرج ، والمشقَّة في ابتداء الأمر ، فرأى أنّ الحاجة في ذلك قد انتهت فاقتصر على لغة واحدة. ( أضواء على السنة المحمدية ص ٢٥١ الطبعة الثالثة لدر المعارف بمصر ).
وقال الشيخ محمود ابو ريه طاب ثراه :
من أغرب الأمور ، ومما يدعو إلى الحيرة أنهم لم يذكروا اسم علّي رضي الله عنه فيمن عهد إليهم بجمع القرآن ، وكتابته لا في عهد أبي بكر ، ولا في عهد عثمان : ويذكرون غيره ممن هم أقل منه درجة في العلم ، والفقه! فهل كان علّي لا يحسن شيئاً من هذا الأمر؟ أو كان من غير الموثوق بهم؟ أو ممّن لا يصحّ استشارتهم ، أو إشراكهم في هذا الأمر؟
اللهمّ إن العقل ، والمنطق ليقضيان بأن يكون علي أول من يعهد إليه بهذا الأمر ، وأعظم من يشارك فيه ، وذلك بما أتيح له من صفات ، ومزايا ، لم تتهيّأ لغيره من بين الصحابة جميعاً ـ فقد ربّاه النبي ( صلى الله عليه وسلم ) على عينه ، وعاش زمناً طويلاً تحت كفنه ، وشهد الوحي من أوّل نزوله إلى يوم انقطاعه ، بحيث لم يند عنه آيته من آياته!!
فإذا لم يدع إلى هذا الأمر الخطير فإلى أيّ شيء يدعى؟!
وإذا كانوا قد انتحلوا معاذير ليسوّغوا بها تخطيّهم إياه في أمر خلافة