سمعت أبا عبد الله عليهالسلام يقول : أيّما رجل أتى خربة فاستخرجها وكرى أنهارها وعمرها فإنّ عليه فيها الصدقة ، فإن كانت أرضا لرجل قبله فغاب عنها وتركها وأخربها ثم جاء بعد يطلبها فإن الأرض لله عزوجل ولمن يعمرها (١).
والجواب أنّه محمول على أرض الخراج أو على أنّ المحيي أحقّ ما دام يقوم بعمارتها وأداء حقّها من مالكها إذ أراد خرابها لما رواه الحلبي في الصحيح عن الصادق عليهالسلام ـ الى أن قال ـ : وعن الرجل يأتي الأرض الخربة الميتة فيستخرجها ويكري أنهارها ويعمرها ويزرعها ماذا عليه؟ فيها الصدقة. قلت : فإن كان يعرف صاحبها؟ قال : فليؤدّ إليه حقّه. (٢) الى هنا كلامه ، (٣) وهو كلام فقيه متمكّن في فقه عالم بأغواره فطن في دقائقه ، وذلك لأنه حيث علم أنّ كلام الشيخ رحمهالله مركب من دعويين : أحدهما جواز التصرّف وهو موافق لمذهب الشيخ ، وعدم دفع الطسق ، وظاهرهما أنها تخرج عن ملك المالك وهو مخالف لمذهب الشيخ ، وكلام ابن إدريس يقتضي المنع من التصرّف مطلقا وهو مخالف لمذهب الشيخ والتقي والقاضي وهو ـ أعني العلّامة ـ مختار مذهب الشيخ. استدلّ أولا على صحّة دعواه من جواز التصرّف وهو مشترك بينه وبين التقي والقاضي ردّا على ابن إدريس بقوله : إنّه أنفع للمسلمين وأعود عليهم فكان سائغا ، قال : وأيّ عقل يمنع من الانتفاع بأرض ترك أهلها عمارتها .. (٤) متعجّبا من قول ابن إدريس بالمنع ، وأردفه بقوله : وإيصال أربابها حقّ الأرض (٥) إذ لا عجب من
__________________
(١) الكافي : ج ٥ ص ٢٧٩ ح ٢ ، التهذيب : ج ٧ ص ١٥٣ من باب ١١ من أحكام الأرضين ـ والحديث ٢١ ـ ٦٧٢ من المسلسل في ج ٧ وفيهما اختلاف.
(٢) تهذيب الأحكام : ج ٧ ص ١٤٨ من باب ١١ من أحكام الأرضين ـ حديث ٧ ـ ٦٥٨ ـ الاستبصار : ج ٣ ص ١١٠ وفيهما اختلاف يسير.
(٣) مختلف الشيعة ـ ج ١ ـ ص ٣٣٢ ـ كتاب الجهاد ـ في حكم أرض أسلم صاحبها مع اختلاف يسير ـ وهذا آخر ما نقل عن المختلف في هذه المسألة هنا.
(٤) مختلف الشيعة ـ ج ١ ـ كتاب الجهاد ـ ص ٣٣٢.
(٥) مختلف الشيعة ـ ج ١ ـ كتاب الجهاد ـ ص ٣٣٢.