الحيوانات (١) الّتي ليس الإنسان سببا لرزقها كالوحوش والطيور وحيوانات البرّ والبحر لا أنّ المراد العيال والخدم بمعنى أنّكم تحسبون أنّكم ترزقونهم بل الله يرزقهم لأنّ هؤلاء من جملة المخاطبين بقوله « جَعَلْنا لَكُمْ » وكون الرازق في الحقيقة هو الله لا يمنع من إطلاقه على من هو سببه فإنّ أكثر أفعاله بالأسباب ويجوز إسناد الفعل إلى السبب القريب والبعيد ولذلك سمّى سبحانه نفسه بخير الرازقين.
__________________
في لكم وقال الشاعر :
فاليوم قربت تهجونا وتشتمنا |
|
فاذهب فما بك والأيام من عجب |
أنشده سيبويه نفسه انظر الكتاب ج ١ ص ٣٩٢ وأنشدوا أشعارا أخر لا نطيل الكلام بذكرها. ونقل قطرب « ما فيها غيره وفرسه » بجر فرسه.
وقد أطنب المفسرون الكلام في هذه المسئلة عند تفسير الآية الاولى من سورة النساء والعجب من بعضهم حيث أورد على قراءة الجر بأنه يستلزم جواز الحلف بغير الله وأنت خبير بأن التساؤل بالأرحام ليس قسما بل المراد بالتساؤل قولهم سألتك بالله وبالرحم وناشدتك بالله وبالرحم كما نقله الطبري عن معمر عن الحسن ونقله الشيخ في التبيان عن إبراهيم النخعي وغيره انه من قولهم نشدتك بالله وبالرحم وقد أفصح عن هذا البحث ابن تيمية ، انظر ص ٣٣٤ ـ ٣٣٨ من ج ٤ تفسير المنار.
ثم ان المصنف تفرد في التنبه بأن محل « من » في هذه الآية ان لم نجز الجر نصب على كونه مفعولا معه وأما الآخرون فجعلوا محلها نصبا بجعلنا أو بفعل محذوف تقديره وأعشنا كما في إعراب القرآن لابن البقاء ونقل في المجمع عن المبرد جواز كون موضعها رفعا لان الكلام قد تم ويكون التقدير « ويكون لكم فيها من لستم له برازقين » والأرجح ما تفرد المصنف بالتنبه له كما ذكره المعربون في « مالك وزيدا » إلا أنك قد عرفت عدم المانع من كون محلها خفضا.
(١) وعليه فالتعبير بمن مكان ما اما لان من وما يتقارضان معنييهما وقال الله : ومنهم من يمشى على بطنه واما على التشبيه بمن يعقل ونظيره قوله تعالى ( يا أَيُّهَا النَّمْلُ ادْخُلُوا مَساكِنَكُمْ ) » بصيغة جمع العقلاء وقوله في الأصنام « فَإِنَّهُمْ عَدُوٌّ لِي » وقوله تعالى ( كُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ ) » ونظيره ( وَلَهُ أَسْلَمَ مَنْ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ طَوْعاً وَكَرْهاً ) » الآية ٨٤ من سورة آل عمران على بعض الوجوه.