٦ ـ أخبر سبحانه أنّه ما من شيء من الأشياء الممكنة من جميع الأنواع إلّا وهو قادر على إيجاده فخزائنه كناية عن مقدوراته ومفتاح هذه الخزائن هي كلمة كن وكلمة كن مرهونة بالوقت فإذا جاء الوقت قال له كن فيكون وإنّما جمع خزائن مع أنّ إفرادها كان يفيد العموم لأنّ مقدوراته غير متناهية فلو أفرد لأوهم تناهيها.
٧ ـ إنّه وإن كان كلّ شيء عنده خزائنه وهو كريم ونحن محتاجون إليه لكن أفعاله على حسب المصالح وعدم المفاسد ، ولذلك اختلف الناس في بسط الرزق وتقديره لجواز كون الرزق وبسطه مصلحة لشخص دون آخر كما ورد في الحديث القدسيّ « إنّ من عبادي من لا يصلحه إلّا الغني ولو أفقرته لأفسده ذلك وإنّ من عبادي من لا يصلحه إلّا الفقر ولو أغنيته لأفسده ذلك (١).
الثانية ( وَلَقَدْ مَكَّنّاكُمْ فِي الْأَرْضِ وَجَعَلْنا لَكُمْ فِيها مَعايِشَ قَلِيلاً ما تَشْكُرُونَ ) (٢)
« مَكَّنّاكُمْ » أي حكّمناكم « وقليلا » منصوب على التميز (٣) وهي كالّتي
__________________
(١) الكافي
(٢) الأعراف : ٩
(٣) هذا مما تفرد بالتنبه له المصنف حيث جعل نصب قليلا في أمثال هذا التركيب : فقليلا ما يؤمنون ( البقرة الآية ٨٨ ) قليلا ما تذكرون ( الآية ٣ سورة الأعراف ) قليلا ما تشكرون هذه الآية على التمييز ، وعلامة صحة كون الكلمة تمييزا صحة جعله فاعلا عند إضافته الى ما هو فاعل في اللفظ مثلا يصح في « طاب زيد نفسا » أن تقول طاب نفس زيد ويصح في الآية ان تقول يشكر قليلكم وكذا في الايات الأخر يؤمن قليلكم ويتذكر قليلكم ، وعندي ان ما صنعه المصنف من جعل نصب قليلا على التميز أمتن وأنسب مما صنعه غيره ، من كونه صفة لمفعول مطلق محذوف ، أى شكرا قليلا ، أو ظرف محذوف اى زمانا قليلا لوضوح كون المراد ان المؤمن والشاكر والمتذكر منهم قليل لا أنهم يؤمنون ايمانا قليلا أو في زمن قليل.
نعم يرد على المصنف انه جعل ابن هشام في المغني في الباب الرابع رابع الوجوه.