١ ـ فهو خارق للعادة ، فلا يشمل الحيل والسحر وما أشبه من وسائل التلبيس والتمويه ، إذ هي ليست خرقا للعادة ، وإنما المعجز هو كل ما كان ممتنعاً عادة ممكناً ذاتاً ، كطلوع الشمس من المغرب ، والخلق من غير ذكر وأنثى ، إذ لم تجر العادة بطلوع الشمس من المغرب ، ولا بخلق ولد من غير ذكر وأنثى.
وقد يهب الله تعالى لأحد ما قدرة ليست موجودة عند عامة الناس فيتوهم أنّها خارقة للعادة ، كالتي ادعت النبوة (١) ، واتخذت من قدرة إبصارها القوية لتوهم الناس بنزول الوحي عليها ، فقد كانت حادة البصر بحيث ترى لمسافة ثلاثة أيام من الطريق ، فترى القافلة والأشخاص التي فيها ، تخبر الناس بمجيئهم بعد ثلاثة أيام ، وتخبرهم بما معهم من المتاع.
فهذا ليس إعجازاً وخرقا للعادة ، وإن كانت العادة أن الإنسان لا يرى إلى هذه المسافة ، ولكن يمكن ذلك إذا امتلك قدرة حادة على الإبصار ، كالقدرة التي كانت عند هذه المرأة.
ولزيادة إيهام الناس إتخذت من شبيب بن ربعي مؤذناً لها ، إذ كان يسمع نداؤه على بعد فرسخ.
وهذا العباس بن عبد المطلب كان يسمع نداؤه على بعد ثمانية أميال (٢) ، ولذا كان النبي (صلى الله عليه وآله وسلّم) في بعض المواطن ، يطلب من عمه العبّاس أن يعينه بصوته.
__________________
(١) وهي سجاح التميمية ، مثل قولك حذام.
(٢) عيون الأخبار ـ لابن قتيبة ـ : ج١ ص ١٨٦.