لأحد أن يجعل من مخلوق شفيعاً لمخلوق آخر في حضرة الله عزّ وجلّ ، وما من شفيع يحق له أن يتشفع بغير إذن من الله تعالى. فقل لي بربك : أين الشرك في ذلك؟
ولا تستلزم الشفاعة تغييراً في حكم وإرادة الله تعالى كما هو حال « المشفوع عنده » من الناس ، كالسلطان الذي يحكم بقتل شخص ، فيريد قتله ، فيأتي المقرب عنده ويشفع له ، فيقبل شفاعته ، ويغير حكمه من القتل إلى العفو ، فليس الأمر كذلك في محكمة العدل الإلهي.
وللتوضيح نبسط القول أكثر.
لدينا ثلاثة أمور :
١ ـ المشفوع عنده : وهو الله سبحانه وتعالى.
٢ ـ الشفيع : كالرسول الأعظم ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ، وأهل بيته الكرام (عليهم السلام).
٣ ـ المشفوع له : وهو المذنب.
وموضوع الشفاعة هو ذلك المذنب الذي يستحق العقوبة بذنبه ، فيأتي الشفيع فيشفع له عند اله تعالى فيعفوا عنه. فهل يتغير حكم الله تعالى وعلمه كما يتغير حكم سلاطين أهل الدنيا؟ حاشا لله ذلك.
إن الشفيع عند السلطان يغير ويؤثر في إرادة وحكم السلطان ، ولكن الشفيع عند الله تعالى لا يغير ولا يؤثر في إرادة وعلم الله تعالى ، بل يكون تأثير الشفيع على المذنب ـ الذي هو موضوع علم الله وإرادته ـ ، فالمذنب حكمه العقوبة قبل الشفاعة ، ولكنه بضميمة شفاعة الشفيع يصير حكمه العفو ، فالذي تغير هو الموضوع ، وحكم الله وإرادته لم تتغير ، إذ إن إرادته كانت منذ البداية هي عقوبة المذنب غير المشفوع له ،