الأنعام نزلت جملة واحدة ـ وشيعها سبعون ألف ملك حين أنزلت على رسول الله صلىاللهعليهوآله ـ فعظموها وبجلوها ـ فإن اسم الله عز وجل فيها سبعين موضعا ، ولو يعلم الناس ما في قراءتها من الفضل ما تركوها ، الحديث.
وفي جوامع الجامع ، للطبرسي قال : في حديث أبي بن كعب عن النبي صلىاللهعليهوآله قال : أنزلت علي الأنعام جملة واحدة ـ يشيعها سبعون ألف ملك لهم زجل بالتسبيح والتحميد فمن قرأها صلى عليه أولئك السبعون ألف ملك ـ بعدد كل آية من الأنعام يوما وليلة.
أقول : ورواه في الدر المنثور ، عنه بعدة طرق.
وفي الكافي ، بإسناده عن ابن محبوب عن أبي جعفر الأحول عن سلام بن المستنير عن أبي جعفر عليهالسلام قال : إن الله خلق الجنة قبل أن يخلق النار ، وخلق الطاعة قبل أن يخلق المعصية ، وخلق الرحمة قبل الغضب ، وخلق الخير قبل الشر ـ وخلق الأرض قبل السماء ، وخلق الحياة قبل الموت ، وخلق الشمس قبل القمر ، وخلق النور قبل الظلمة.
أقول : خلق النور قبل الظلمة بالنظر إلى كون الظلمة عدميا مضافا إلى النور ظاهر المعنى ، وأما نسبة الخلق إلى الطاعة والمعصية فليس يلزم منها بطلان الاختيار فإن بطلانه يستلزم بطلان نفس الطاعة والمعصية فلا تبقى لنسبتهما إلى الخلق وجه صحة بل المراد كونه تعالى يملكهما كما يملك كل ما وقع في ملكه ، وكيف يمكن أن يقع في ملكه ما هو خارج عن إحاطته وسلطانه ومنعزل عن مشيته وإذنه.؟
ولا دليل على انحصار الخلق في الإيجاد والصنع الذي لا واسطة فيه حتى يكون تعالى مستقلا بإيجاد كل ما نسب خلقه إليه فيكون إذا قيل : إن الله خلق العدل أو القتل مثلا أنه أبطل إرادة الإنسان العادل أو القاتل ، واستقل هو بالعدل والقتل بإذهاب الواسطة من البين فافهم ذلك ، وقد تقدم استيفاء البحث عن هذا المعنى في الجزء الأول من الكتاب.
وبنظير البيان يتبين معنى نسبة الخلق إلى الخير والشر أيضا ، سواء كانا خيرا وشرا في الأمور التكوينية أو في الأفعال.
وأما كون الطاعة مخلوق قبل المعصية ، وكذا الخير قبل الشر فيجري أيضا في