أمرنا كله من جهة مبدئنا ومنتهانا وما نحتاج إليه في دنيا أو آخرة.
وقوله : « وَأُمِرْنا لِنُسْلِمَ لِرَبِّ الْعالَمِينَ » قال في المجمع ، : تقول العرب : أمرتك لتفعل وأمرتك أن تفعل وأمرتك بأن تفعل فمن قال : أمرتك بأن تفعل فالباء للإلصاق والمعنى وقع الأمر بهذا الفعل ، ومن قال : أمرتك أن تفعل حذف الجار ، ومن قال : أمرتك لتفعل فالمعنى أمرتك للفعل ، وقال الزجاج : التقدير أمرنا كي نسلم.
والجملة أعني قوله : « وَأُمِرْنا لِنُسْلِمَ » إلخ ، عطف تفسير لقوله : « إِنَّ هُدَى اللهِ هُوَ الْهُدى » فالأمر بالإسلام هو مصداق لهدى الله ، والمعنى : أمرنا الله لنسلم له وإنما أبهم فاعل الفعل ليكون تمهيدا لوضع قوله : « لِرَبِّ الْعالَمِينَ » موضع الضمير فيدل به على علة الأمر فالمعنى أمرنا من ناحية الغيب أن نسلم لله لأنه رب العالمين جميعا ليس لها جميعا أو لكل بعض منها ـ كما تزعمه الوثنية ـ رب آخر ولا أرباب أخر.
وظاهر الآية أن المراد بالإسلام هو تسليم عامة الأمور إليه تعالى لا مجرد التشهد بالشهادتين ، وهو ظاهر قوله : « إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللهِ الْإِسْلامُ » : ( آل عمران : ١٩ ) كما مر في تفسير الآية.
قوله تعالى : « وَأَنْ أَقِيمُوا الصَّلاةَ وَاتَّقُوهُ » تفنن في سرد الكلام بأخذ الأمر بمعنى القول والجري في مجرى هذه العناية كأنه قيل : وقيل لنا : أن أسلموا لرب العالمين وأن أقيموا الصلاة واتقوه.
وقد أجمل تفاصيل الأعمال الدينية ثانيا في قوله : « وَاتَّقُوهُ » غير أنه صرح من بينها باسم الصلاة تعظيما لأمرها واعتناء بشأنها واهتمام القرآن الشريف بأمر الصلاة ظاهر لا شك فيه.
قوله تعالى : « وَهُوَ الَّذِي إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ » فمن الواجب أن يسلم له ويتقى لأن الرجوع إليه ، والحساب والجزاء بيده.
قوله تعالى : « وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِ » إلى آخر الآية. بضعة أسماء وأوصاف له سبحانه مذكورة أريد بذكرها بيان ما تقدم من القول وتعليله فإنه تعالى ذكر أن الهدى هداه ثم فسره نوع تفسير بالإسلام له والصلاة والتقوى وهو تمام الدين ثم بين السبب في كون هداه هو الهدى الذي لا يجوز التجافي عنه وهو أن حشر الجميع إليه