أنه لا رب لهم غير الله سبحانه وحده لا شريك له.
وفي جميع هذه المراحل التي طواها كان الله سبحانه يمده ويسدده بإراءته ملكوت السماوات والأرض وعطف نفسه الشريفة إلى الجهة التي ينتسب منها الأشياء إلى الله سبحانه خلقا وتدبيرا فكان إذا رأى شيئا رأى انتسابه إلى الله وتكوينه وتدبيره بأمره قبل أن يرى نفسيته وآثار نفسيته كما هو ظاهر سياق قوله : « وَكَذلِكَ نُرِي إِبْراهِيمَ مَلَكُوتَ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ » الآية ، وقوله في ذيل الآيات : « وَتِلْكَ حُجَّتُنا آتَيْناها إِبْراهِيمَ عَلى قَوْمِهِ نَرْفَعُ دَرَجاتٍ مَنْ نَشاءُ إِنَّ رَبَّكَ حَكِيمٌ عَلِيمٌ » الآية ، وقوله : « وَلَقَدْ آتَيْنا إِبْراهِيمَ رُشْدَهُ مِنْ قَبْلُ وَكُنَّا بِهِ عالِمِينَ » : ( الأنبياء : ٥١ ).
وقول إبراهيم لأبيه فيما حكى الله تعالى : « يا أَبَتِ إِنِّي قَدْ جاءَنِي مِنَ الْعِلْمِ ما لَمْ يَأْتِكَ فَاتَّبِعْنِي أَهْدِكَ صِراطاً سَوِيًّا » : ( مريم : ٤٣ ) إلى غير ذلك من الآيات.
ثم حاج الملك نمرود في دعواه الربوبية على ما كان ذلك من دأب كثير من جبابرة السلف ومن نظائر ذلك نشأت الوثنية وكانت لقومه آلهة كثيرة لها أصنام يعبدونها ، وفيهم من كان يعبد أرباب الأصنام كالشمس والقمر والكوكب الذي ذكره القرآن الكريم ولعله الزهرة.
هذا ملخص ما يستفاد من الآيات الكريمة وسنبحث عن مضامينها تفصيلا بحسب ما نستطيعه إن شاء الله تعالى.
قوله تعالى : « وَإِذْ قالَ إِبْراهِيمُ لِأَبِيهِ آزَرَ » القراءات السبع في آزر بالفتح فيكون عطف بيان أو بدلا من أبيه وفي بعض القراءات « آزَرَ » بالضم وظاهره أنه منادى مرفوع بالنداء ، والتقدير : يا آزر أتتخذ أصناما آلهة ، وقد عد من القراءات « أأزرا تتخذ » مفتتحا بهمزة الاستفهام ، وبعده « أزرا » بالنصب مصدر أزر يأزر بمعنى قوي والمعنى : وإذ قال إبراهيم لأبيه أتتخذ أصناما للتقوي والاعتضاد.
وقد اختلف المفسرون على القراءة الأولى المشهورة والثانية الشاذة في « آزر » أنه اسم علم لأبيه أو لقب أريد بمعناه المدح أو الذم بمعنى المعتضد أو بمعنى الأعرج أو المعوج