قائمة الکتاب
كلام في معنى حقيقة فعله وحكمه تعالى
١١٨
إعدادات
الميزان في تفسير القرآن [ ج ٧ ]
الميزان في تفسير القرآن [ ج ٧ ]
المؤلف :العلّامة السيّد محمّد حسين الطباطبائي
الموضوع :القرآن وعلومه
الناشر :مؤسسة اسماعيليان للطباعة والنشر والتوزيع
الصفحات :399
تحمیل
من موضوع خرافي يدعي أنه ربما ينفع ويضر ، ولنا أن نبدل قولنا ذلك لو أردنا التكلم بلسان التوحيد بقولنا : ما أنزل الله على ذلك دليلا ، والكلام بحسب التحليل المنطقي يئول إلى قياس استثنائي استثني فيها نقيض المقدم في الشرطية لإنتاج نقيض التالي نحوا من قولنا :
لو كان الله نزل بها عليكم سلطانا يدل على قدرتهم على الضر لكان اتخاذكم الشركاء خوفا منها في محله لكنه لم ينزل سلطانا فليس اتخاذكم الشركاء في محله ، ومن المعلوم أن لا مفهوم في هذا القياس فلا حاجة إلى القول بأن التقييد بقوله : « لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ عَلَيْكُمْ سُلْطاناً » للتهكم ، أو للإشارة إلى أن هذا وصف لازم لشركائهم على حد قوله تعالى : « وَمَنْ يَدْعُ مَعَ اللهِ إِلهاً آخَرَ لا بُرْهانَ لَهُ بِهِ » ( المؤمنون : ١١٧ ) إلى غير ذلك من التحملات.
والباء في قوله : « ( لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ ) » للمعية أو السببية وقد كنى عليهالسلام عنهم وعن نفسه بالفريقين ولم يقل : أنا وأنتم أو ما يشابه ذلك ليكون أبعد من تحريك الحمية وتهييج العصبية كما قيل ، وليدل على تفرقهما وشقاق بينهما من جهة الاختلاف في أصل الأصول وأم المعارف الحقيقية بحيث لا يأتلفان بعد ذلك في شيء.
قوله تعالى : « الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمانَهُمْ بِظُلْمٍ أُولئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ وَهُمْ مُهْتَدُونَ » سألهم في الآية السابقة في ضمن ما أقامه من الحجة عمن هو أحق بالأمن حيث قال : « فَأَيُّ الْفَرِيقَيْنِ أَحَقُّ بِالْأَمْنِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ » ثم أجابهم عما سألهم لكون الجواب واضحا لا يختلف فيه الفريقان المتخاصمان والجواب الذي هذا شأنه لا بأس بأن يبادر السائل إلى إيراده من غير أن ينتظر المسئول فإن المسئول لا يخالف السائل في ذلك حتى يخاف منه الرد ، وقد حكى الله تعالى اعترافهم بذلك في قصة كسر الأصنام : « قالَ بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ هذا فَسْئَلُوهُمْ إِنْ كانُوا يَنْطِقُونَ ، فَرَجَعُوا إِلى أَنْفُسِهِمْ فَقالُوا إِنَّكُمْ أَنْتُمُ الظَّالِمُونَ ، ثُمَّ نُكِسُوا عَلى رُؤُسِهِمْ لَقَدْ عَلِمْتَ ما هؤُلاءِ يَنْطِقُونَ » : ( الأنبياء : ٦٥ ).
هذا ما يقتضيه سياق الكلام أن تكون الآية من كلام إبراهيم عليهالسلام ومقولة لقوله ، وأما كونها من كلام قومه وجوابا محكيا عنهم ، وكذا كونها من الله سبحانه من باب القضاء بين الطرفين المتخاصمين فمما لا يساعد عليه السياق البتة.
وكيف كان فالكلام متضمن تأكيدا قويا من جهة إسنادات متعددة في جمل اسمية وهي ما في قوله : « لَهُمُ الْأَمْنُ » جملة اسمية هي خبر لقوله : « أُولئِكَ » والمجموع جملة اسمية