البحار أن قال : الظاهر أن ما رواه الراوندي هو هذا الخبر بعينه ، وإنما غيره ليستقيم على أصول الإمامية ، انتهى. ثم حمل الرواية وما في مضمونها من الروايات الدالة على أن آزر الوثني كان والدا لإبراهيم صلبيا على التقية.
وقد روى مثل المضمون السابق القمي في تفسيره ، والعياشي في تفسيره ، وروي من طرق أهل السنة عن مجاهد ، ورواه الطبري في تاريخه والثعلبي في قصص الأنبياء ، عن عامة السلف وأهل العلم.
وكيف كان فالذي ينبغي أن يقال : إن علماء الحديث والآثار كأنهم مجمعون على أن إبراهيم عليهالسلام كان في بادي عمره قد أخفي في سرب خوفا من أن يقتله الملك نمرود ، ثم خرج عنه بعد حين فحاج أباه وقومه في أمر الأصنام والكوكب والقمر والشمس وحاج الملك في دعواه الربوبية ، وقد تقدم أن سياق آيات القصة يؤيد هذا المعنى.
وأما أبو إبراهيم فقد ذكر أهل التاريخ أن اسمه تارخ ـ بالحاء المهملة أو المعجمة ـ وآزر إما لقبه أو اسم صنم أو وصف ذم أو مدح بحسب لغتهم بمعنى المعتضد أو الأعرج وصفه به إبراهيم.
وذكروا أن هذا المشرك الذي سماه القرآن أبا إبراهيم وذكر محاجته إياه كان هو تارخ أباه الصلبي ووالده الحقيقي ووافقهم على ذلك عدة من علماء الحديث والكلام من أهل السنة ، وخالفهم جمع منهم ، والشيعة كالمجمع على ذلك أو هم مجمعون إلا ما يتراءى من بعض المحدثين حيث أودعوا تلك الأخبار كتبهم ، وعمدة ما احتج به القائلون بأن آزر المشرك لم يكن والد إبراهيم ، وإنما كان عمه أو جده لأمه الأخبار الواردة من طرق الفريقين في أن آباء النبي صلىاللهعليهوآله كانوا موحدين جميعا لم يكن فيهم مشرك ، وقد طالت المشاجرة بين الفريقين.
أقول : من البحث على هذا النمط كيفما تم خارج عن البحث التفسيري وإن كان الباحثون من الفريقين في حاجة إلى إيراده واستنتاج حق ما ينتجه لكنا في غنى عن ذلك فقد تقدم أن الآيات دالة على أن آزر المشرك الذي يذكره الله تعالى في هذه الآيات من سورة الأنعام لم يكن والدا حقيقيا لإبراهيم عليهالسلام.