أصولا كلية في المعاش والمعاد كأنواع من العبادة وسننا كلية في الخيرات والشرور يهتدي إلى تشخيصها الإنسان السليم العقل من المعاشرة الصالحة والتجنب عن الظلم والإسراف وإعانة المستكبرين ونحوها ، ثم يؤمرون بالدخول في المجتمعات بهذا التجهيز الذي جهزوا به ، والدعوة إلى أخذ الخير والصلاح ورفض الشر والفحشاء والفساد سواء كانت المجتمعات التي دخلوا فيها يدبرها استبداد الظلمة والطغاة أو رأفة العدول من السلاطين وسياستهم المنظمة.
ولم يشرع تفاصيل الأحكام قبل ظهور الدين الإسلامي إلا في التوراة وفيها أحكام يشابه بعضها بعض ما في شريعة حمورابي غير أن التوراة نزلها الله على موسى عليهالسلام وكانت محفوظة في بني إسرائيل فقدوها في فتنة بخت نصر التي أفنت جمعهم وخربت هيكلهم ولم يبق منهم إلا شرذمة ساقتهم الإسارة إلى بابل فاستعبدوا واسكنوا فيه إلى أن فتح الملك كورش بابل وأعتقهم من الأسر وأجاز لهم الرجوع إلى بيت المقدس ، وأن يكتب لهم عزراء الكاهن التوراة بعد ما أعدمت نسخها ونسيت متون معارفها ، وقد اعتادوا بقوانين بابل الجارية بين الكلدانيين.
ومع هذا الحال كيف يحكم بأن الله أمضى في الشريعة الكليمية كثيرا من شرائع حمورابي ، والقرآن إنما يصدق من هذه التوراة بعض ما فيها ، وبعد ذلك كله لا مانع من كون بعض القوانين غير السماوية مشتملا على بعض المواد الصالحة والأحكام الحقة.
وفي الكافي ، بإسناده عن أبي بصير عن أبي عبد الله عليهالسلام : في قوله تعالى : « الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمانَهُمْ بِظُلْمٍ » قال : هو الشرك.
وفيه ، بطريق آخر عن أبي بصير عنه عليهالسلام : في الآية قال : بشك.
أقول : ورواه العياشي أيضا في تفسيره ، عن أبي بصير عنه (ع).
وفي تفسير العياشي ، عن أبي بصير عن أبي عبد الله عليهالسلام قال : سألت عن قول الله : ( الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمانَهُمْ بِظُلْمٍ ) ، قال : نعوذ بالله يا با بصير أن نكون ممن لبس إيمانه بظلم ، ثم قال : أولئك الخوارج وأصحابهم.
وفيه ، عن يعقوب بن شعيب عن أبي عبد الله عليهالسلام : في قوله : ( وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمانَهُمْ بِظُلْمٍ ) ، قال : الضلال وما فوقه.