والإله « ساجيلا » وغيرها.
والذي ذكره من أن الله لم يكلف قوم إبراهيم شيئا غير التوحيد اكتفاء بتربية شرائعهم المدنية « إلخ » يكذبه أن القرآن يحكي عن لسان إبراهيم عليهالسلام الصلاة كما في أدعيته في سورة إبراهيم ويذكر أن الله أوحى إليه فعل الخيرات وإيتاء الزكاة كما في سورة الأنبياء ، وأنه شرع الحج وأباح لحوم الأنعام كما في سورة الحج ، وكان من شريعته الاعتزال عن المشركين كما في سورة الممتحنة ، وكان ينهى عن كل ظلم لا ترتضيه الفطرة كما في سورة الأنعام وغيرها ، ومن شرعه التطهر كما تشير إليه سورة الحج ووردت الأخبار أنه عليهالسلام شرع الحنيفية وهي عشر خصال : خمس في الرأس وخمس في البدن ومنها الختنة ، وكان يحيي بالسلام كما في سورة هود ومريم.
وقد قال الله تعالى : « مِلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْراهِيمَ » : ( الحج : ٧٨ ) وقال : « قُلْ بَلْ مِلَّةَ إِبْراهِيمَ حَنِيفاً » : ( البقرة : ١٣٥ ) فوصف هذا الدين على ما له من الأصول والفروع بأنه ملة إبراهيم عليهالسلام ، وهذا وإن لم يدل على أن هذا الدين على ما فيه من تفاصيل الأحكام كان مشرعا في زمن إبراهيم عليهالسلام بل الأمر بالعكس كما يدل عليه قوله : « شَرَعَ لَكُمْ مِنَ الدِّينِ ما وَصَّى بِهِ نُوحاً وَالَّذِي أَوْحَيْنا إِلَيْكَ وَما وَصَّيْنا بِهِ إِبْراهِيمَ وَمُوسى وَعِيسى » ( الشورى : ١٣ ) إلا أنه يدل على أن شرائعه راجعة إلى أصل أو أصول كلية تهدي إليها الفطرة مما ترتضيه وتأمر به أو لا ترتضيه وتنهى عنه قال تعالى في آخر هذه السورة بعد ما ذكر حججا على الشرك وجملا من الأوامر والنواهي الكلية مخاطبا نبيه صلىاللهعليهوآله : « قُلْ إِنَّنِي هَدانِي رَبِّي إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ ، دِيناً قِيَماً مِلَّةَ إِبْراهِيمَ حَنِيفاً وَما كانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ » ( الأنعام : ١٦١ ).
ولو كان الأمر على ما ذكره أن الله لم يشرع لإبراهيم عليهالسلام شريعة بل اكتفى بما بين يديه من القانون المدني الدائر وهو شريعة حمورابي لكانت الشريعة المذكورة ممضاة مصوبة من عند الله ، وكانت من أجزاء دين إبراهيم عليهالسلام بل الدين الإسلامي الذي شرع في القرآن لأنه هو ملة إبراهيم حنيفا فكانت إحدى الشرائع الإلهية ونوعا من الكتب السماوية.
والحق الذي لا مرية فيه أن الوحي الإلهي كان يعلم الأنبياء السالفين وأممهم