حنيفا وما كان من المشركين ( الأنعام : ٧٩ ) وهو الذي اطمأن قلبه بالله وأيقن به بما أراه الله من ملكوت السماوات والأرض ( البقرة : ٢٦٠ ، الأنعام : ٧٥ ).
واتخذه الله خليلا ( النساء : ١٢٥ ) وجعل رحمته وبركاته عليه وعلى أهل بيته ووصفه بالتوفية ( النجم : ٣٧ ) ومدحه بأنه حليم أواه منيب (هود : ٧٣ ـ ٧٥) ومدحه أنه كان أمة قانتا لله حنيفا ولم يك من المشركين شاكرا لأنعمه اجتباه وهداه إلى صراط مستقيم وآتاه في الدنيا حسنة وإنه في الآخرة لمن الصالحين ( النحل : ١٢٠ ـ ١٢٢ ).
وكان صديقا نبيا ( مريم : ٤١ ) وعده الله من عباده المؤمنين ومن المحسنين وسلم عليه ( الصافات : ٨٣ ـ ١١١ ) وهو من الذين وصفهم بأنهم أولو الأيدي والأبصار وأنه أخلصهم بخالصة ذكرى الدار ( ص : ٤٥ ـ ٤٦ ).
وقد جعله الله للناس إماما ( البقرة : ١٢٤ ) وجعله أحد الخمسة أولي العزم الذين آتاهم الكتاب والشريعة ( الأحزاب : ٧ ، الشورى : ١٣ ، الأعلى : ١٨ ـ ١٩ ) وآتاه الله العلم والحكمة والكتاب والملك والهداية وجعلها كلمة باقية في عقبه ( النساء : ٥٤ ، الأنعام : ٧٤ ـ ٩٠ ، الزخرف : ٢٨ ) وجعل في ذريته النبوة والكتاب ( الحديد : ٢٦ ) وجعل له لسان صدق في الآخرين ( الشعراء : ٨٤ ، مريم : ٥٠ ) فهذه جمل ما منحه الله سبحانه من المناصب الإلهية ومقامات العبودية ولم يفصل القرآن الكريم في نعوت أحد من الأنبياء والرسل المكرمين وكراماتهم ما فصل من نعوته وكراماته عليهالسلام.
وليراجع في تفسير كل من مقاماته المذكورة إلى ما شرحناه في الموضع المختص به فيما تقدم أو سنشرحه إن شاء الله تعالى فالاشتغال به هاهنا يخرجنا عن الغرض المعقود له هذه الأبحاث.
وقد حفظ الله سبحانه حياته الكريمة وشخصيته الدينية بما سمى هذا الدين القويم بالإسلام كما سماه عليهالسلام ونسبه إليه قال تعالى : « مِلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْراهِيمَ هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمِينَ مِنْ قَبْلُ » : ( الحج : ٧٨ ) وقال : « قُلْ إِنَّنِي هَدانِي رَبِّي إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ دِيناً قِيَماً مِلَّةَ إِبْراهِيمَ حَنِيفاً وَما كانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ » : ( الأنعام : ١٦١ ).
وجعل الكعبة البيت الحرام الذي بناها قبلة للعالمين وشرع مناسك الحج وهي في الحقيقة أعمال ممثلة لقصة إسكانه ابنه وأم ولده وتضحية ابنه إسماعيل وما سعى به إلى ربه والتوجه له وتحمل الأذى والمحنة في ذاته كما تقدمت الإشارة إليه في تفسير قوله تعالى : « وَإِذْ