مثل ما يقول فلا ينكر علي ذلك ـ فأنا أنزل مثل ما أنزل الله ـ فأنزل الله على نبيه صلىاللهعليهوآله في ذلك : « وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرى عَلَى اللهِ كَذِباً ـ أَوْ قالَ أُوحِيَ إِلَيَّ وَلَمْ يُوحَ إِلَيْهِ شَيْءٌ ـ وَمَنْ قالَ سَأُنْزِلُ مِثْلَ ما أَنْزَلَ اللهُ ».
فلما فتح رسول الله صلىاللهعليهوآله مكة أمر بقتله ـ فجاء به عثمان وقد أخذ بيده ورسول الله صلىاللهعليهوآله في المسجد ـ فقال : يا رسول الله اعف عنه فسكت رسول الله صلىاللهعليهوآله ـ ثم أعاد فقال : هو لك ، فلما مر قال رسول الله صلىاللهعليهوآله : ألم أقل : من رآه فليقتله؟ فقال رجل : كانت عيني إليك يا رسول الله ـ أن تشير إلي فأقتله ، فقال رسول الله صلىاللهعليهوآله : إن الأنبياء لا يقتلون بالإشارة ، فكان من الطلقاء :
أقول : وروى هذا المعنى في الكافي ، وتفسير العياشي ، ومجمع البيان ، بطرق أخرى عن الباقر والصادق (ع).
وذكر بعض المفسرين بعد إيراد القصة عن روايتي عكرمة والسدي : أن هاتين الروايتين باطلتان فإنه ليس في شيء من السور المكية « سميعا عليما » ولا « عليما حكيما » ولا « عزيز حكيم » إلا في سورة لقمان المروي عن ابن عباس أنها نزلت بعد سورة الأنعام وأن الآية التي ختمت بقوله تعالى « عَزِيزٌ حَكِيمٌ » منها وثنتين بعدها مدنيات كما في الإتقان. قال : وما قيل من احتمال نزول هذه الآية بالمدينة لا حاجة إليه والرواية غير صحيحة.
قال : وروي : أن عبد الله بن سعد لما ارتد كان يطعن في القرآن ، ولعله قال شيئا مما ذكر في الروايات عنه كذبا وافتراء فإن السور التي نزلت في عهد كتابته لم يكن فيها شيء مما روي عنه أنه تصرف فيه كما علمت ، وقد رجع إلى الإسلام قبل الفتح ولو تصرف في القرآن تصرفا أقره عليه النبي صلىاللهعليهوآله فشك في الوحي لأجله لما رجع إلى الإسلام. انتهى.
وقد عرفت أن الروايات المعتبرة المروية عن الصادقين عليهالسلام صريحة في وقوع قصة ابن أبي سرح في المدينة بعد الهجرة لا في مكة ، والأخبار المروية من طرق أهل السنة والجماعة غير صريحة في وقوعها بمكة لو لم يكن ظهورها في الوقوع بالمدينة ، وأما ما استند إليه من رواية ابن عباس في ترتيب نزول السور القرآنية فليس بأقوى اعتبارا مما طرحه.
وأما ما ذكره من إسلام ابن أبي سرح قبل الفتح طوعا فقد عرفت ورود الرواية من الطريقين أنه لم يعد إلى الإسلام إلى يوم الفتح ، وقد كان رسول الله صلىاللهعليهوآله أهدر دمه