تفيد ذلك وتؤيده كقوله تعالى : « وَنَفْسٍ وَما سَوَّاها فَأَلْهَمَها فُجُورَها وَتَقْواها قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاها وَقَدْ خابَ مَنْ دَسَّاها » : ( الشمس : ١٠ ) ، وقوله تعالى : « كانَ النَّاسُ أُمَّةً واحِدَةً فَبَعَثَ اللهُ النَّبِيِّينَ مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ وَأَنْزَلَ مَعَهُمُ الْكِتابَ بِالْحَقِّ لِيَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ فِيمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ وَمَا اخْتَلَفَ فِيهِ إِلَّا الَّذِينَ أُوتُوهُ مِنْ بَعْدِ ما جاءَتْهُمُ الْبَيِّناتُ بَغْياً بَيْنَهُمْ فَهَدَى اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا لِمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ مِنَ الْحَقِّ بِإِذْنِهِ وَاللهُ يَهْدِي مَنْ يَشاءُ إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ » : ( البقرة : ٢١٣ ).
والإمعان في التفكر في أطوار الحيوانات العجم التي تزامل الإنسان في كثير من شئون الحياة ، وأحوال نوع منها في مسير حياتها وتعيشها يدلنا على أن لها كالإنسان عقائد وآراء فردية واجتماعية تبني عليها حركاتها وسكناتها في ابتغاء البقاء نظيره ما يبني الإنسان تقلباته في أطوار الحياة الدنيا على سلسلة من العقائد والآراء.
فالواحد منا يشتهي الغذاء والنكاح أو الولد أو غير ذلك ، أو يكره الضيم أو الفقر أو غير ذلك فيلوح له من الرأي أن من الواجب أن يطلب الغذاء أو يأكله أو يدخره في ملكه ، وأن يتزوج وأن ينسل وهكذا ، وأن من الممنوع المحرم عليه أن يصبر على ضيم أو يتحمل مصيبة الفقر وهكذا فيتحرك ويسكن على طبق ما تخدّ له هذه الآراء اللائحة لنفسه من الطريق.
كذلك الواحد من الحيوان ـ على ما نشاهده ـ يأتي في مبتغيات حياته من الحركات المنظمة التي يحتال بها إلى رفع حوائج نفسه في الغذاء والسفاد والمأوى بما لا نشك به في أن له شعورا بحوائجه وما يرتفع به حاجته ، وآراء وعقائد ينبعث بها إلى جلب المنافع ودفع المضار كما في الإنسان ، وربما عثرنا فيها من أنواع الحيل والمكائد للحصول على الصيد والنجاة من العدو من الطرق الاجتماعية والفردية ما لم يتنبه إليه الإنسان إلا بعد طي قرون وأحقاب من عمره النوعي.
وقد عثر العلماء الباحثون عن الحيوان في كثير من أنواعه ، كالنمل والنحل والأرضة على عجائب من آثار المدنية والاجتماع ، ودقائق من الصنعة ولطائف من السنن والسياسات لا تكاد توجد نظائرها إلا في الأمم ذوي الحضارة والمدنية من الإنسان.
وقد حث القرآن الكريم على معرفة الحيوان والتفكر في خلقها وأعمالها عامة كقوله