وفيه ، بإسناده عن الأصبغ بن نباتة قال : كنت عند أمير المؤمنين عليهالسلام فقال له رجل : « وَعَلَى الْأَعْرافِ رِجالٌ يَعْرِفُونَ كُلًّا بِسِيماهُمْ » فقال له علي عليهالسلام : نحن الأعراف نعرف أنصارنا بسيماهم ، ونحن الأعراف الذين لا يعرف الله إلا بسبيل معرفتنا ـ ونحن الأعراف نوقف يوم القيامة بين الجنة والنار ـ فلا يدخل الجنة إلا من عرفنا وعرفناه ، ولا يدخل النار إلا من أنكرنا وأنكرناه ـ وذلك قول الله عز وجل.
لو شاء لعرف الناس نفسه ـ حتى يعرفوا حده ويأتونه من بابه ، جعلنا أبوابه وصراطه وسبيله وبابه الذي يؤتى منه.
أقول : ورواه أيضا بإسناده عن مقرن عن أبي عبد الله عليهالسلام والرجل السائل هو ابن الكواء ، وروى هذه القصة أيضا الكليني في الكافي ، عن مقرن قال : سمعت أبا عبد الله عليهالسلام يقول : جاء ابن الكواء ، إلخ.
والظاهر أن المراد بالمعرفة والإنكار في الرواية المعرفة بالحب والبغض أي لا يدخل الجنة إلا من عرفنا بالولاية وعرفناه بالطاعة ، ولا يدخل النار إلا من أنكر ولايتنا وأنكرنا طاعته ، وهذا غير معرفتهم الجميع بأعيانهم ، وإلا أشكل انطباقه على قوله تعالى : « رِجالٌ يَعْرِفُونَ كُلًّا بِسِيماهُمْ » وقوله تعالى : « وَنادى أَصْحابُ الْأَعْرافِ رِجالاً يَعْرِفُونَهُمْ بِسِيماهُمْ » إلخ ، ولعل ذلك إنما نشأ من نقل بعض الرواة الرواية بالمعنى ، ويؤيد ما استظهرناه ما يأتي في الرواية التالية.
وفي المجمع ، روى الحاكم أبو القاسم الحسكاني بإسناده رفعه إلى الأصبغ بن نباتة قال : كنت جالسا عند علي عليهالسلام ـ فأتاه ابن الكواء فسأله عن هذه الآية ـ فقال ويحك يا ابن الكواء ـ نحن نوقف يوم القيامة بين الجنة والنار ـ فمن نصرنا عرفناه بسيماه فأدخلناه الجنة ـ ومن أبغضنا عرفناه بسيماه فأدخلناه النار.
وفي تفسير العياشي ، عن هلقام عن أبي جعفر عليهالسلام قال : سألته عن قول الله : « وَعَلَى الْأَعْرافِ رِجالٌ يَعْرِفُونَ كُلًّا بِسِيماهُمْ » ما يعني بقوله : « عَلَى الْأَعْرافِ رِجالٌ »؟ » قال : ألستم تعرفون عليكم عرفاء على قبائلكم ـ ليعرفوا من فيها من صالح أو طالح؟ قلت : بلى. قال : فنحن أولئك الرجال الذين يعرفون كلا بسيماهم.