غير مجهول ، والإقرار به إيمان ، والجحود به كفر.
فهذا نحو سلوكهم في ذلك لم يورث منهم شيء إلا ما يوجد في كلام الإمام علي بن أبي طالب والأئمة من ولده بعده عليهالسلام ونحن نورد بعض ما عثرنا عليه في كلامهم.
ففي التوحيد ، بإسناده عن سلمان الفارسي فيما أجاب به علي عليهالسلام الجاثليق : فقال علي عليهالسلام : إن الملائكة تحمل العرش ، وليس العرش كما تظن كهيئة السرير ـ ولكنه شيء محدود مخلوق مدبر وربك مالكه ـ لا أنه عليه ككون الشيء على الشيء. الخبر.
وفي الكافي ، عن البرقي رفعه قال : سأل الجاثليق عليا عليهالسلام فقال : أخبرني عن الله عز وجل يحمل العرش أو العرش يحمله؟ فقال عليهالسلام : الله عز وجل حامل العرش ـ والسماوات والأرض وما فيهما وما بينهما ، وذلك قول الله عز وجل : « إِنَّ اللهَ يُمْسِكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ أَنْ تَزُولا ـ وَلَئِنْ زالَتا إِنْ أَمْسَكَهُما مِنْ أَحَدٍ مِنْ بَعْدِهِ ـ إِنَّهُ كانَ حَلِيماً غَفُوراً ».
قال : فأخبرني عن قوله : « وَيَحْمِلُ عَرْشَ رَبِّكَ فَوْقَهُمْ يَوْمَئِذٍ ثَمانِيَةٌ » فكيف ذاك ـ وقلت : إنه يحمل العرش والسماوات والأرض؟ فقال أمير المؤمنين عليهالسلام : إن العرش خلقه الله تبارك وتعالى من أنوار أربعة : نور أحمر منه احمرت الحمرة ، ونور أخضر منه اخضرت الخضرة ، ونور أصفر منه اصفرت الصفرة ـ ونور أبيض منه ابيض البياض.
وهو العلم الذي حمله الله الحملة ، وذلك نور من نور عظمته ـ فبعظمته ونوره أبصر قلوب المؤمنين ، وبعظمته ونوره عاداه الجاهلون ، وبعظمته ونوره ابتغى من في السماوات والأرض ـ من جميع خلائقه إليه الوسيلة ـ بالأعمال المختلفة والأديان المتشتتة ـ فكل شيء محمول يحمله الله بنوره وعظمته وقدرته ـ لا يستطيع لنفسه ضرا ولا نفعا ـ ولا موتا ولا حياة ولا نشورا فكل شيء محمول ، والله تبارك وتعالى الممسك لهما أن تزولا ، والمحيط بهما من شيء ، وهو حياة كل شيء ونور كل شيء ـ سبحانه وتعالى عما يقولون علوا كبيرا.
قال له : فأخبرني عن الله أين هو؟ فقال أمير المؤمنين عليهالسلام : هو هاهنا وهاهنا وفوق وتحت ومحيط بنا ومعنا ، وهو قوله : « ما يَكُونُ مِنْ نَجْوى ثَلاثَةٍ إِلَّا هُوَ رابِعُهُمْ ـ وَلا خَمْسَةٍ إِلَّا هُوَ سادِسُهُمْ وَلا أَدْنى مِنْ ذلِكَ وَلا أَكْثَرَ ـ إِلَّا هُوَ مَعَهُمْ أَيْنَ ما كانُوا » فالكرسي محيط بالسماوات والأرض ـ وما بينهما وما تحت الثرى ، وإن تجهر بالقول فإنه يعلم السر وأخفى ، وذلك قوله : « وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ ـ وَلا يَؤُدُهُ حِفْظُهُما وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ ».