يُدَبِّرُ الْأَمْرَ » وهو إيجاد النظام الأحسن بينها بإيقاع الأمر تلو الأمر والإتيان بالواحد منه بعد الواحد.
وما ربما يقال : إن العطف لا يقتضي المغايرة ، ولو اقتضى ذلك لدل في قوله : « مَنْ كانَ عَدُوًّا لِلَّهِ وَمَلائِكَتِهِ وَرُسُلِهِ وَجِبْرِيلَ » : البقرة : ٩٨ على كون جبريل من غير جنس الملائكة! مدفوع بأن المراد مغايرة ما ولو اعتبارا لقبح قولنا جاءني زيد وزيد ورأيت عمرا وعمرا فلا محيص عن مغايرة ما ولو بحسب الاعتبار ، وجبريل مع كونه من جنس الملائكة يغايره غيره بما له من المقام المعلوم والقوة والمكانة عند ذي العرش.
وقوله تعالى : « تَبارَكَ اللهُ رَبُّ الْعالَمِينَ » أي كان ذا بركات ينزلها على مربوبيه من جميع من في العالمين فهو ربهم.
كلام في معنى العرش
للناس في معنى العرش بل في معنى قوله : « ثُمَّ اسْتَوى عَلَى الْعَرْشِ » والآيات التي في هذا المساق مسالك مختلفة ، فأكثر السلف على أنها وما يشاكلها من الآيات من المتشابهات التي يجب أن يرجع علمها إلى الله سبحانه ، وهؤلاء يرون البحث عن الحقائق الدينية والتطلع إلى ما وراء ظواهر الكتاب والسنة بدعة ، والعقل يخطئهم في ذلك والكتاب والسنة لا يصدقانهم فآيات الكتاب تحرض كل التحريض على التدبر في آيات الله وبذل الجهد في تكميل معرفة الله ومعرفة آياته بالتذكر والتفكر والنظر فيها والاحتجاج بالحجج العقلية ، ومتفرقات السنة المتواترة معنى توافقها ، ولا معنى للأمر بالمقدمة والنهي عن النتيجة ، وهؤلاء هم الذين كانوا يحرمون البحث عن حقائق الكتاب والسنة ـ حتى البحث الكلامي الذي بناؤه على تسليم الظواهر الدينية ووضعها على ما تفيده بحسب الفهم العامي ثم الدفاع عنها بما تيسر من المقدمات المشهورة والمسلمة عند أهل الدين ـ ويعدونها بدعة فلنتركهم وشأنهم.
وأما طبقات الباحثين فقد اختلفوا في معناه على أقوال :
١ ـ حمل الكلمة على ظاهر معناها فالعرش عندهم مخلوق كهيئة السرير له قوائم وهو موضوع على السماء السابعة والله ـ تعالى عما يقول الظالمون ـ مستو عليه كاستواء