إلى فسخ تطبيقهم ورفع اليد عنه.
٣ ـ أن لا مصداق للعرش خارجا وإنما قوله تعالى : « ثُمَّ اسْتَوى عَلَى الْعَرْشِ » و « الرَّحْمنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوى » كناية عن استيلائه تعالى على عالم الخلق ، وكثيرا ما يطلق الاستواء على الشيء على الاستيلاء عليه كما قيل :
قد استوى بشر على العراق |
|
من غير سيف ودم مهراق |
أو أن الاستواء على العرش معناه الشروع في تدبير الأمور كما أن الملوك إذا أرادوا الشروع في إدارة أمور مملكتهم استووا على عروشهم وجلسوا عليه والشروع والأخذ في أمر وجميع ما ينبئ عن تغير الأحوال وتبدلها وإن كانت ممتنعة في حقه تعالى لتنزهه تعالى عن التغير والتبدل لكن شأنه تعالى يسمى شروعا وأخذا بالنظر إلى حدوث الأشياء بذواتها وأعيانها يومئذ فيسمى شأنه تعالى وهو الشمول بالرحمة إذا تعلق بها شروعا وأخذا بالتدبير نظير سائر الأفعال الحادثة المقيدة بالزمان المنسوبة إليه تعالى كقولنا خلق الله فلانا ، وأحيا فلانا ، وأمات فلانا ، ورزق فلانا ، ونحو ذلك.
وفيه : أن كون قوله : « ثُمَّ اسْتَوى عَلَى الْعَرْشِ » جاريا مجرى الكناية بحسب اللفظ وإن كان حقا لكنه لا ينافي أن يكون هناك حقيقة موجودة تعتمد عليها هذه العناية اللفظية ، والسلطة والاستيلاء والملك والإمارة والسلطنة والرئاسة والولاية والسيادة وجميع ما يجري هذا المجرى فينا أمور وضعية اعتبارية ليس في الخارج منها إلا آثارها على ما سمعته منا كرارا في الأبحاث الاعتبارية السابقة ، والظواهر الدينية تشابه من حيث البيان ما عندنا من بيانات أمورنا وشئوننا الاعتبارية لكن الله سبحانه يبين لنا أن هذه البيانات وراءها حقائق واقعية ، وجهات خارجية ليست بوهمية اعتبارية.
فمعنى الملك والسلطنة والإحاطة والولاية وغيرها فيه سبحانه هو المعنى الذي نفهمه من كل هذه الألفاظ عندنا لكن المصاديق غير المصاديق فلها هناك مصاديق حقيقية خارجية على ما يليق بساحة قدسه تعالى وأما ما عندنا من مصاديق هذه المفاهيم فهي أوصاف ذهنية ادعائية وجهات وضعية اعتبارية لا تتعدى الوهم ، وإنما وضعناها وأخذنا بها للحصول على آثار حقيقية هي آثارها بحسب الدعوى فلا يسمى الرئيس رئيسا إلا لأن يتبع الذين نسميهم مرءوسين إراداته وعزائمه لا لأن الجماعة بدون حقيقة وهو