اشتراه متحقق بهذا الشراء.
وأما ما ورد في الروايات « أن إخوة يوسف حضروا هناك وأخذوا يوسف منهم بدعوى أنه عبدهم سقط في البئر ثم باعوه منهم بثمن بخس » فلا يدفع ظاهر السياق في الآيات ولا أنه يدفع الروايات.
وربما قيل : إن الشراء في الآية بمعنى الاشتراء وهو مسموع وهو نظير الاحتمالين السابقين مدفوع بالسياق.
قوله تعالى : « وَقالَ الَّذِي اشْتَراهُ مِنْ مِصْرَ لِامْرَأَتِهِ أَكْرِمِي مَثْواهُ عَسى أَنْ يَنْفَعَنا أَوْ نَتَّخِذَهُ وَلَداً » السياق يدل على أن السيارة حملوا يوسف معهم إلى مصر وعرضوه هناك للبيع فاشتراه بعض أهل مصر وأدخله في بيته.
وقد أعجبت الآيات في ذكر هذا الذي اشتراه وتعريفه فذكر فيها أولا بمثل قوله تعالى : « وَقالَ الَّذِي اشْتَراهُ مِنْ مِصْرَ » فأنبأت أنه كان رجلا من أهل مصر ، وثانيا بمثل قوله : « وَأَلْفَيا سَيِّدَها لَدَى الْبابِ » فعرفته بأنه كان سيدا مصمودا إليه ، وثالثا بمثل قوله : « وَقالَ نِسْوَةٌ فِي الْمَدِينَةِ امْرَأَتُ الْعَزِيزِ تُراوِدُ فَتاها عَنْ نَفْسِهِ » فأوضحت أنه كان عزيزا في مصر يسلم له أهل المدينة العزة والمناعة ، ثم أشارت إلى أنه كان له سجن وهو من شئون مصدرية الأمور والرئاسة بين الناس ، وعلم بذلك أن يوسف كان ابتيع أول يوم لعزيز مصر ودخل بيت العزة.
وبالجملة لم يعرف الرجل كل مرة في كلامه تعالى إلا بمقدار ما يحتاج إليه موقف الحديث من القصة ، ولم يكن لأول مرة في تعريفه حاجة إلى أزيد من وصفه بأنه كان رجلا من أهل مصر وبها بيته فلذا اقتصر في تعريفه بقوله : « وَقالَ الَّذِي اشْتَراهُ مِنْ مِصْرَ ».
وكيف كان ، الآية تنبئ على إيجازها بأن السيارة حملوا يوسف معهم وأدخلوه مصر وشروه من بعض أهلها فأدخله بيته ووصاه امرأته قائلا : ( أَكْرِمِي مَثْواهُ عَسى أَنْ يَنْفَعَنا أَوْ نَتَّخِذَهُ وَلَداً ).
والعادة الجارية تقضي أن لا يهتم السادة والموالي بأمر أرقائهم دون أن يتفرسوا في وجه الرقيق آثار الأصالة والرشد ، ويشاهد في سيماه الخير والسعادة ، وعلى الخصوص الملوك والسلاطين والرؤساء الذين كان يدخل كل حين في بلاطاتهم عشرات ومئات من