يدل على أنهما كانا عبدين من عبيد الملك ، وقد وردت به الروايات كما سيأتي إن شاء الله تعالى.
وقوله : « قالَ أَحَدُهُما إِنِّي أَرانِي أَعْصِرُ خَمْراً » فصل قوله : « قالَ أَحَدُهُما » للدلالة على الفصل بين حكاية الرؤيا وبين الدخول كما يشعر به ما في السياق من قوله : « أَرانِي » وخطابه له بصاحب السجن.
وقوله : « أَرانِي » لحكاية الحال الماضية كما قيل ، وقوله : « أَعْصِرُ خَمْراً » أي أعصر عنبا كما يعصر ليتخذ خمرا فقد سمي العنب خمرا باعتبار ما يؤول إليه.
والمعنى أصبح أحدهما وقال ليوسف عليهالسلام إني رأيت فيما يرى النائم إني أعصر عنبا للخمر.
وقوله : « وَقالَ الْآخَرُ إِنِّي أَرانِي أَحْمِلُ فَوْقَ رَأْسِي خُبْزاً تَأْكُلُ الطَّيْرُ مِنْهُ » أي تنهشه وهي رؤيا أخرى ذكرها صاحبه. وقوله : « نَبِّئْنا بِتَأْوِيلِهِ إِنَّا نَراكَ مِنَ الْمُحْسِنِينَ » أي قالا نبئنا بتأويله فاكتفى عن ذكر الفعل بقوله : « قال » « وقال » وهذا من لطائف تفنن القرآن ، والضمير في قوله : « بِتَأْوِيلِهِ » راجع إلى ما يراه المدلول عليه بالسياق ، وفي قوله : « إِنَّا نَراكَ مِنَ الْمُحْسِنِينَ » تعليل لسؤالهما التأويل و « نَراكَ » أي نعتقدك من المحسنين لما نشاهد فيك من سيماهم ، وإنما أقبلا عليه في تأويل رؤياهما لإحسانه ، لما يعتقد عامة الناس أن المحسنين الأبرار ذوو قلوب طاهرة ونفوس زاكية فهم ينتقلون إلى روابط الأمور وجريان الحوادث انتقالا أحسن وأقرب إلى الرشد من انتقال غيرهم.
والمعنى : قال أحدهما ليوسف : إني رأيت فيما يرى النائم كذا وقال الآخر : إني رأيت كذا ، وقالا له : أخبرنا بتأويل ما رآه كل منا لأنا نعتقد من المحسنين ، ولا يخفى لهم أمثال هذه الأمور الخفية لزكاء نفوسهم وصفاء قلوبهم.
قوله تعالى : « قالَ لا يَأْتِيكُما طَعامٌ تُرْزَقانِهِ إِلَّا نَبَّأْتُكُما بِتَأْوِيلِهِ قَبْلَ أَنْ يَأْتِيَكُما » لما أقبل صاحبا السجن على يوسف عليهالسلام في سؤاله عن تأويل رؤيا رأياها عن حسن ظن به من جهة ما كانا يشاهدان منه سيماء المحسنين اغتنم عليهالسلام الفرصة في بث ما عنده من أسرار التوحيد والدعوة إلى ربه سبحانه الذي علمه ذلك فأخبرهما أنه عليم بذلك بتعليم