إِذْ قالَ لَهُ رَبُّهُ أَسْلِمْ قالَ أَسْلَمْتُ لِرَبِّ الْعالَمِينَ » : البقرة : ١٣١.
وهذا الإسلام الذي سأله عليهالسلام أقصى درجات الإسلام وأعلى مراتبه ، وهو التسليم المحض لله سبحانه ، وهو أن لا يرى العبد لنفسه ولا لآثار نفسه شيئا من الاستقلال حتى لا يشغله شيء من نفسه ولا صفاتها ولا أعمالها من ربه ، وإذا نسب إليه تعالى كان إخلاصه عبده لنفسه.
ومما تقدم يظهر أن قوله : « تَوَفَّنِي مُسْلِماً » سؤال منه لبقاء الإخلاص واستمرار الإسلام ما دام حيا وبعبارة أخرى أن يعيش مسلما حتى يتوفاه الله فهو كناية عن أن يثبته الله على الإسلام حتى يموت ، وليس يراد به أن يموت في حال الإسلام ولو لم يكن قبل ذلك مسلما ، ولا سؤالا للموت وهو مسلم حتى يكون المعنى أني مسلم فتوفني.
ويتبين بذلك فساد ما روي عن عدة من قدماء المفسرين أن قوله : « تَوَفَّنِي مُسْلِماً » دعاء منه يسأل به الموت من الله سبحانه حتى قال بعضهم : لم يسأل أحد من الأنبياء الموت من الله ولا تمناه إلا يوسف عليهالسلام.
قوله تعالى : « ذلِكَ مِنْ أَنْباءِ الْغَيْبِ نُوحِيهِ إِلَيْكَ وَما كُنْتَ لَدَيْهِمْ إِذْ أَجْمَعُوا أَمْرَهُمْ وَهُمْ يَمْكُرُونَ » الإشارة إلى نبإ يوسف عليهالسلام ، والخطاب للنبي صلىاللهعليهوآله ، وضمير الجمع لإخوة يوسف والإجماع العزم والإرادة.
وقوله : « وَما كُنْتَ لَدَيْهِمْ » إلخ ، حال من ضمير الخطاب من « إِلَيْكَ » وقوله : « نُوحِيهِ إِلَيْكَ وَما كُنْتَ » إلى آخر الآية بيان لقوله : « ذلِكَ مِنْ أَنْباءِ الْغَيْبِ » والمعنى أن نبأ يوسف من أنباء الغيب فإنا نوحيه إليك والحال أنك ما كنت عند إخوة يوسف إذ عزموا على أمرهم وهم يمكرون في أمر يوسف.
( بحث روائي )
في تفسير العياشي ، عن أبي بصير عن أبي جعفر عليهالسلام في حديث طويل قال : قال يوسف لإخوته : « لا تَثْرِيبَ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ يَغْفِرُ اللهُ لَكُمْ اذْهَبُوا بِقَمِيصِي هذا » الذي