بلته دموع عيني « فَأَلْقُوهُ عَلى وَجْهِ أَبِي يَأْتِ بَصِيراً » ـ لو قد نشر ريحي « وَأْتُونِي بِأَهْلِكُمْ أَجْمَعِينَ » وردهم إلى يعقوب في ذلك اليوم ، وجهزهم بجميع ما يحتاجون إليه فلما فصلت عيرهم من مصر ـ وجد يعقوب ريح يوسف فقال لمن بحضرته من ولده ـ إني لأجد ريح يوسف لو لا أن تفندون.
قال : وأقبل ولده يحثون السير بالقميص فرحا وسرورا ـ بما رأوا من حال يوسف والملك الذي آتاه الله ـ والعز الذي صاروا إليه في سلطان يوسف ، وكان مسيرهم من مصر إلى بلد يعقوب تسعة أيام ـ فلما أن جاء البشير ألقى القميص على وجهه فارتد بصيرا ، وقال لهم : ما فعل ابن يامين؟ قالوا : خلفناه عند أخيه صالحا.
قال : فحمد الله يعقوب عند ذلك ، وسجد لربه سجدة الشكر ـ ورجع إليه بصره وتقوم له ظهره ، وقال لولده : تحملوا إلى يوسف في يومكم هذا بأجمعكم ـ فساروا إلى يوسف ومعهم يعقوب وخالة يوسف « ياميل » فأحثوا السير فرحا وسرورا ـ فساروا تسعة أيام إلى مصر.
أقول : كون امرأة يعقوب التي سارت معه إلى مصر وهي أم بنيامين خالة يوسف لا أمه الحقيقية وقعت في عدة الروايات وظاهر الكتاب وبعض الروايات أنها كانت أم يوسف وأنه وبنيامين كانا أخوين لأم وإن لم يكن ظهورا يدفع به تلك الروايات.
وفي المجمع ، عن أبي عبد الله عليهالسلام : في قول الله عز وجل : « وَلَمَّا فَصَلَتِ الْعِيرُ قالَ أَبُوهُمْ ـ إِنِّي لَأَجِدُ رِيحَ يُوسُفَ لَوْ لا أَنْ تُفَنِّدُونِ » قال : وجد يعقوب ريح يوسف حين فصلت من مصر ـ وهو بفلسطين من مسيرة عشرة ليال.
أقول : وقد ورد في عدة روايات من طرق العامة والخاصة أن القميص الذي أرسله يوسف إلى يعقوب عليهالسلام كان نازلا من الجنة ، وأنه كان قميص إبراهيم أنزله إليه جبريل حين ألقي في النار فألبسه إياه فكانت عليه بردا وسلاما ثم أورثه إسحاق ثم ورثه يعقوب ثم جعله يعقوب تميمة وعلقه على يوسف حين ولد فكان على عنقه حتى أخرجه يوسف من التميمة ففاحت ريح الجنة فوجدها يعقوب ، وهذه أخبار لا سبيل لنا إلى تصحيحها مضافا إلى ما فيها من ضعف الأسناد.
ومثلها روايات أخرى من الفريقين تتضمن كتابا كتبه يعقوب إلى يوسف وهو يحسبه