مِنْ طِينٍ ) : ص : ٧٦ بالتصريح.
وقد تقدم كلام في معنى السجود لآدم وأمر الملائكة وإبليس بذلك وائتمارهم وتمرده عنه ، نافع في هذا الباب في تفسير سورتي البقرة والأعراف من هذا الكتاب.
قوله تعالى : ( فَاخْرُجْ مِنْها فَإِنَّكَ رَجِيمٌ وَإِنَّ عَلَيْكَ اللَّعْنَةَ إِلى يَوْمِ الدِّينِ ) الرجيم فعيل بمعنى المفعول من الرجم وهو الطرد وشاع استعماله في الطرد بالحجارة والحصاة ، واللعن هو الطرد والإبعاد من الرحمة.
ومن هنا يظهر أن قوله : ( وَإِنَّ عَلَيْكَ اللَّعْنَةَ ) إلخ بمنزلة البيان لقوله : ( فَإِنَّكَ رَجِيمٌ ) فإن الرجم كان سببا لخروجه من بين الملائكة من السماء أو من المنزلة الإلهية وبالجملة من مقام القرب وهو مستوى الرحمة الخاصة الإلهية فينطبق على الإبعاد من الرحمة وهو اللعن.
وقد نسب سبحانه هذه اللعنة المجعولة على إبليس في موضع آخر إلى نفسه فقال : ( وَإِنَّ عَلَيْكَ لَعْنَتِي إِلى يَوْمِ الدِّينِ ) ص : ٥٨ وقيدها في الآيتين جميعا بقوله :( إِلى يَوْمِ الدِّينِ ).
أما جعل مطلق اللعنة عليه في قوله : ( عَلَيْكَ اللَّعْنَةَ ) فلأن اللعن يلحق المعصية وما من معصية إلا ولإبليس فيه صنع بالإغواء والوسوسة فهو الأصل الذي يرجع إليه كل معصية وما يلحقها من لعن حتى في عين ما يعود إلى أشخاص العصاة من اللعن والوبال ، وتذكر في ذلك ما تقدم في ذيل قوله تعالى : ( لِيَمِيزَ اللهُ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ وَيَجْعَلَ الْخَبِيثَ بَعْضَهُ عَلى بَعْضٍ فَيَرْكُمَهُ جَمِيعاً فَيَجْعَلَهُ فِي جَهَنَّمَ ) الأنفال : ٣٧ في الجزء التاسع من الكتاب.
على أنه لعنه الله أول فاتح فتح باب معصية الله وعصاه في أمره فإليه يعود وبال هذا الطريق بسالكيه ما سلكوا فيه.
وأما جعل لعنته خاصة عليه في قوله : ( عَلَيْكَ لَعْنَتِي ) فلأن الإبعاد من الرحمة بالحقيقة إنما يؤثر أثره إذا كان منه تعالى إذ لا يملك أحد من رحمته إعطاء ومنعا إلا بإذنه فإليه يعود حقيقة الإعطاء والمنع.
على أن اللعن من غيره تعالى بالحقيقة دعاء عليه بالإبعاد من الرحمة وأما نفس