فالجميع نعمه بالنسبة إلى الجميع وهذا أمر لا يحيط به إحصاء.
ولعل ذلك هو السر في إفراد النعمة في قوله : ( نِعْمَتَ اللهِ ) فإن الحق أن ليس هناك إلا النعمة فلا حاجة إلى تفخيمها بالجمع ليدل على الكثرة ، والمراد بالنعمة جنس المنعم فيفيد ما يفيده الجمع.
وقوله : ( إِنَّ الْإِنْسانَ لَظَلُومٌ كَفَّارٌ ) أي كثير الكفران يظلم نفسه فلا يشكر نعمة الله ويكفر بها فيؤديه ذلك إلى البوار والخسران ، أو كثير الظلم لنعم الله لا يشكرها ويكفر بها ، والجملة استئناف بياني يؤكد بها ما يستفاد من البيان السابق ، فإن الواقف على ما مر بيانه من حال نعمه تعالى وما آتى الإنسان من كل ما سأله منها لا يرتاب في أن الإنسان وهو غافل عنها طبعا ظالم لنفسه كافر بنعمة ربه.
( بحث روائي )
في الدر المنثور ، أخرج الترمذي والنسائي والبزار وأبو يعلى وابن جرير وابن أبي حاتم وابن حيان والحاكم وصححه وابن مردويه عن أنس قال : أتي رسول الله صلىاللهعليهوآله بقناع من بسر فقال : ( مَثَلاً كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ ـ حتى بلغ ـ تُؤْتِي أُكُلَها كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّها ). قال : هي النخلة. ( وَمَثَلُ كَلِمَةٍ خَبِيثَةٍ كَشَجَرَةٍ خَبِيثَةٍ ـ حتى بلغ ـ ما لَها مِنْ قَرارٍ ). قال : هي الحنظلة.
أقول : وكون الشجرة الطيبة هي النخلة مروي في عدة روايات عنه صلىاللهعليهوآله ، وهي لا تدل على أزيد من انطباق المثل عليها ، وذيل الرواية ينافي الرواية التالية.
وفيه ، أخرج ابن مردويه عن أبي هريرة قال : قعد ناس من أصحاب رسول الله صلىاللهعليهوآله فذكروا هذه الآية : ( اجْتُثَّتْ مِنْ فَوْقِ الْأَرْضِ ما لَها مِنْ قَرارٍ ) فقالوا : يا رسول الله نراه الكمأة ، فقال رسول الله صلىاللهعليهوآله : الكمأة من المن وماؤها شفاء للعين ، والعجوة من الجنة وهي شفاء من السم.
أقول : والكلام يجري في الحنظلة فإن لها خواص طبية هامة.
وفيه ، أخرج البيهقي في سننه عن علي قال : الحين ستة أشهر.