مثل الخليل عليهالسلام ثم لا يستجاب له؟ أم كيف يمكن أن يذكر تعالى دعاءه وهو لغو غير معني به ثم لا يذكر رده على خلاف مسلك القرآن في جميع المواضع المشابهة؟ ثم كيف يمكن أن يسأل لنفسه المصونية والعصمة عن عبادة الأصنام وهو نبي والأنبياء معصومون؟
وقد قيل في الجواب عن إشكال عدم استجابة دعائه في بنيه إن المراد ببنيه أبناؤه بلا واسطة كإسماعيل وإسحاق وغيرهما وقد استجيب دعاؤه فيهم ، وقيل : المراد الموجودون من بنيه وقت الدعاء وهم موحدون ، وقيل : إن الله قد استجاب دعاءه في بعض بنيه دون بعض ولا نقص فيه.
وقيل : إن المشركين من بنيه لم يكونوا يعبدون الأصنام وإنما كانوا يتخذونها شفعاء ، وقيل : إنهم كانوا يعبدون الأوثان دون الأصنام وبينهما فرق فإن الأصنام هي التماثيل المصورة والأوثان هي التماثيل غير المصورة ، وقيل : إنهم ما كانوا يعبدون الأصنام بل كان الواحد منهم ينصب حجرا ويقول : هذا حجر والبيت حجر ، فكان يدور حوله ويسمونه الدوار.
وسقوط هذه الوجوه ظاهرة : أما الأول والثاني فلكونهما خلاف ظاهر اللفظ وأما الثالث فلأن الإشكال ليس في ورود نقص على النبي بعدم استجابة دعائه أو بعضه لحكمة بل من جهة منافاته لمسلك القرآن في حكاية لغو الكلام من غير رده ، وأما باقي الوجوه فلأن ملاك الضلال في عبادة الأصنام هو شرك العبادة وهو موجود في جميع ما افترضوه من الوجوه.
وقيل في الجواب عن إشكال سؤال النبي الإبعاد والإجناب عن الشرك وهو نبي معصوم : إن المراد الثبات والدوام على ذلك ، وقيل إنه عليهالسلام ذكر ذلك هضما لنفسه وإظهارا للحاجة إلى فضله تعالى ، وقيل : المراد سؤال الحفظ عن الشرك الخفي وإلا فالأنبياء مصونون عن الشرك الجلي هذا.
وهذه وجوه ردية ، أما الأول فلأنه لا ينحسم به مادة الإشكال إذ العصمة والمصونية كما أنها لازمة للنبوة حدوثا لازمة لها بقاء فلو لم يصح للنبي أن يسأل حدوثها لمكان اللزوم لم يصح له أن يسأل بقاءها لذلك بعينه ، والأصل في جوابهم هذا أنهم يزعمون انفصال الفيض عن المفيض واستقلال المستفيض فيما استفاضه بمعنى أن الله سبحانه