القرآن الكريم ، والمراد بإتيانه لهم نزوله على النبي وإسماعه وتبليغه ، ومحدث بمعنى جديد وهو معنى إضافي وهو وصف ذكر فالقرآن مثلا ذكر جديد أتاهم بعد الإنجيل والإنجيل كان ذكرا جديدا أتاهم بعد التوراة وكذلك بعض سور القرآن وآياته ذكر جديد أتاهم بعد بعض.
وقوله : « إِلَّا اسْتَمَعُوهُ » استثناء مفرغ عن جميع أحوالهم و « اسْتَمَعُوهُ » حال و « هُمْ يَلْعَبُونَ » « لاهِيَةً قُلُوبُهُمْ » حالان من ضمير الجمع في « اسْتَمَعُوهُ » فهما حالان متداخلتان.
واللعب فعل منتظم الأجزاء لا غاية له إلا الخيال كلعب الأطفال واللهو اشتغالك عما يهمك يقال : ألهاه كذا أي شغله عما يهمه ولذلك تسمى آلات الطرب آلات اللهو وملاهي ، واللهو من صفة القلب ولذلك قال : « لاهِيَةً قُلُوبُهُمْ » فنسبه إلى قلوبهم.
ومعنى الآية : وما يأتيهم ـ بالنزول والبلوغ ـ ذكر جديد من ربهم في حال من الأحوال إلا والحال أنهم لاعبون لاهية قلوبهم فاستمعوه فيها أي إن إحداث الذكر وتجديده لا يؤثر فيهم ولا أثرا قليلا ولا يمنعهم عن الاشتغال بلعب الدنيا عما وراءها وهذا كناية عن أن الذكر لا يؤثر فيهم في حال لا أن جديدة لا يؤثر وقديمه يؤثر وهو ظاهر.
واستدل بظاهر الآية على كون القرآن محدثا غير قديم ، وأولها الأشاعرة بأن توصيف الذكر بالمحدث من جهة نزوله وهو لا ينافي قدمه في نفسه وظاهر الآية عليهم وللكلام تتمة نوردها في بحث مستقل.
( كلام في معنى حدوث الكلام وقدمه في فصول )
١ ـ ما معنى حدوث الكلام وبقائه؟ إذا سمعنا كلاما من متكلم كشعر من شاعر لم نلبث دون أن ننسبه إليه ثم إذا كرره وتكلم بمثله ثانيا لم نرتب في أنه هو كلامه الأول بعينه أعاده ثانيا ثم إذا نقل ناقل عنه ذلك حكمنا بأنه كلام ذلك القائل الأول بعينه ثم كلما تكرر النقل كان المنقول من الكلام هو بعينه الكلام الأول الصادر من المتكلم الأول وإن تكرر إلى ما لا نهاية له.
هذا بالبناء على ما يقضي به الفهم العرفي لكنا إذا أمعنا في ذلك قليل إمعان