إِلَّا وارِدُها كانَ عَلى رَبِّكَ حَتْماً مَقْضِيًّا » ـ فقد علمت أني وارد النار ـ ولا أدري كيف الصدور بعد الورود؟.
واعلم أن ظاهر بعض الروايات السابقة أن ورود الناس النار هو جوازهم منها فينطبق على روايات الصراط وفيها أنه جسر ممدود على النار يؤمر بالعبور عليها البر والفاجر فيجوزه الأبرار ويسقط فيها الفجار ، وعن الصدوق في الاعتقاد ، أنه حمل الآية عليه.
وقال في مجمع البيان ، : وقيل : إن الفائدة في ذلك يعني ورود النار ما روي في بعض الأخبار : أن الله تعالى لا يدخل أحدا الجنة حتى يطلعه على النار ـ وما فيها من العذاب ليعلم تمام فضل الله عليه ـ وكمال فضله وإحسانه إليه ـ فيزداد لذلك فرحا وسرورا بالجنة ونعيمها ، ولا يدخل أحدا النار ـ حتى يطلعه على الجنة وما فيها من أنواع النعيم والثواب ـ ليكون ذلك زيادة عقوبة له ـ وحسرة على ما فاته من الجنة ونعيمها. انتهى.
( كلام في معنى وجوب الفعل وجوازه )
( وعدم جوازه على الله سبحانه )
قد تقدم في الجزء الأول من الكتاب في ذيل قوله تعالى : « وَما يُضِلُّ بِهِ إِلَّا الْفاسِقِينَ » البقرة : ٢٦ في بحث قرآني تقريبا أن له تعالى الملك المطلق على الأشياء بمعنى أنه يملك كل شيء ملكا مطلقا غير مقيد بحال أو زمان أو أي شرط مفروض وأن كل شيء مملوك له تعالى من غير أن يكون مملوكا له من جهة وغير مملوك من جهة لا في ذاته ولا في شيء مما يتعلق به.
فله تعالى أن يتصرف فيما يشاء بما يشاء من غير أن يستعقب ذلك قبحا أو ذما أو شناعة من عقل أو غيره لأن القبح أو الذم إنما يلحقان الفاعل إذا أتى بما لا يملكه من الفعل بحكم عقل أو قانون أو سنة دائرة وأما إذا أتى بما له أن يفعله وهو يملكه فلا يعتريه قبح أو ذم أو لائمة البتة ولا يوجد في المجتمع الإنساني ملك مطلق ولا حرية مطلقة لمناقضته معنى الاجتماع والاشتراك في المنافع فكل ملك فيه مقيد محدود يذم الإنسان لو تعداه ويقبح فعله ويمدح لو اقتصر عليه ويستحسن عمله.