وفي العيون ، في باب ما جاء عن الرضا عليهالسلام في هاروت وماروت في حديث : أن الملائكة معصومون ـ محفوظون عن الكفر والقبائح بألطاف الله تعالى ـ قال الله تعالى فيهم : « لا يَعْصُونَ اللهَ ما أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ ما يُؤْمَرُونَ » ـ وقال عز وجل : « وَلَهُ مَنْ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَمَنْ عِنْدَهُ يعني الملائكة لا يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبادَتِهِ وَلا يَسْتَحْسِرُونَ يُسَبِّحُونَ اللَّيْلَ وَالنَّهارَ لا يَفْتُرُونَ ».
وفي نهج البلاغة ، قال عليهالسلام في وصف الملائكة : ومسبحون لا يسأمون ، ولا يغشاهم نوم العيون ، ولا سهو العقول ، ولا فترة الأبدان ، ولا غفلة النسيان.
أقول : وبه يضعف ما في بعض الروايات أن الملائكة ينامون كما في كتاب كمال الدين بإسناده عن داود بن فرقد عن بعض أصحابنا عن أبي عبد الله : أنه سئل عن الملائكة أينامون؟ فقال : ما من حي إلا وهو ينام خلا الله وحده : فقلت : يقول الله عز وجل : « يُسَبِّحُونَ اللَّيْلَ وَالنَّهارَ لا يَفْتُرُونَ »؟ قال : أنفاسهم تسبيح. على أن الرواية ضعيفة.
وفي التوحيد ، بإسناده عن هشام بن الحكم قال : قلت لأبي عبد الله عليهالسلام ما الدليل على أن الله واحد؟ قال : اتصال التدبير وتمام الصنع كما قال عز وجل : « لَوْ كانَ فِيهِما آلِهَةٌ إِلَّا اللهُ لَفَسَدَتا ».
أقول : وهو يؤيد ما قدمناه في تقرير الدليل.
وفيه ، بإسناده عن عمرو بن جابر قال : قلت لأبي جعفر محمد بن علي الباقر عليهالسلام : يا بن رسول الله ـ إنا نرى الأطفال منهم من يولد ميتا ، ومنهم من يسقط غير تام ، ومنهم من يولد أعمى وأخرس وأصم ، ومنهم من يموت من ساعته إذا سقط إلى الأرض ، ومنهم من يبقى إلى الاحتلام ، ومنهم من يعمر حتى يصير شيخا فكيف ذلك وما وجهه؟
فقال عليهالسلام : إن الله تبارك وتعالى ـ أولى بما يدبره من أمر خلقه منهم ـ وهو الخالق والمالك لهم فمن منعه التعمير ـ فإنما منعه ما ليس له ، ومن عمره فإنما أعطاه ما ليس له ـ فهو المتفضل بما أعطى ـ وعادل فيما منع ولا يسأل عما يفعل وهم يسألون.
قال جابر : فقلت له : يا بن رسول الله ـ وكيف لا يسأل عما يفعل؟ قال : لأنه لا يفعل إلا ما كان حكمة وصوابا ، وهو المتكبر الجبار والواحد القهار ، فمن وجد في نفسه حرجا في شيء مما قضى كفر ـ ومن أنكر شيئا من أفعاله جحد.