وَالْإِنْسِ » الأحقاف : ١٨ ، وقال : « وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ جَمِيعاً يا مَعْشَرَ الْجِنِّ قَدِ اسْتَكْثَرْتُمْ مِنَ الْإِنْسِ » الأنعام : ١٢٨ ، هذا ما يتحصل من معنى النفس بحسب عرف اللغة.
وأما الموت فهو فقد الحياة وآثارها من الشعور والإرادة عما من شأنه أن يتصف بها قال تعالى : « وَكُنْتُمْ أَمْواتاً فَأَحْياكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ » البقرة : ٢٨ ، وقال في الأصنام : « أَمْواتٌ غَيْرُ أَحْياءٍ » النحل : ٢١ ، وأما أنه مفارقة النفس للبدن بانقطاع تعلقها التدبيري كما يعرفه الأبحاث العقلية أو أنه الانتقال من دار إلى دار كما في الحديث النبوي فهو معنى كشف عنه العقل أو النقل غير ما استقر عليه الاستعمال ومن المعلوم أن الموت بالمعنى الذي ذكر إنما يتصف به الإنسان المركب من الروح والبدن باعتبار بدنه فهو الذي يتصف بفقدان الحياة بعد وجدانه وأما الروح فلم يرد في كلامه تعالى ما ينطق باتصافه بالموت كما لم يرد ذلك في الملك ، وأما قوله : « كُلُّ شَيْءٍ هالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ » القصص : ٨٨ ، وقوله : « وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَصَعِقَ مَنْ فِي السَّماواتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ » الزمر : ٦٨ فسيجيء إن شاء الله أن الهلاك والصعق غير الموت وإن انطبقا عليه أحيانا.
فقد تبين مما قدمناه أولا : أن المراد بالنفس في قوله : « كُلُّ نَفْسٍ ذائِقَةُ الْمَوْتِ » الإنسان ـ وهو الاستعمال الثاني من استعمالاتها الثلاث ـ دون الروح الإنساني إذ لم يعهد نسبة الموت إلى الروح في كلامه تعالى حتى تحمل عليه.
وثانيا : أن الآية إنما تعم الإنسان لا غير كالملك والجن وسائر الحيوان وإن كان بعضها مما يتصف بالموت كالجن والحيوان ، ومن القرينة على اختصاص الآية بالإنسان قوله قبله : « وَما جَعَلْنا لِبَشَرٍ مِنْ قَبْلِكَ الْخُلْدَ » وقوله بعده : « وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً » على ما سنوضحه.
وقد ذكر جمع منهم أن المراد بالنفس في الآية الروح ، وقد عرفت خلافه وأصر كثير منهم على عموم الآية لكل ذي حياة من الإنسان والملك والجن وسائر الحيوانات حتى النبات إن كان لها حياة حقيقة وقد عرفت ما فيه.
ومن أعجب ما قيل في تقرير عموم الآية ما ذكره الإمام الرازي في التفسير الكبير ، بعد ما قرر أن الآية عامة لكل ذي نفس : أن الآية مخصصة فإن له تعالى نفسا كما قال حكاية عن عيسى عليهالسلام : « تَعْلَمُ ما فِي نَفْسِي وَلا أَعْلَمُ ما فِي نَفْسِكَ » مع أن الموت مستحيل عليه سبحانه ، وكذا الجمادات لها نفوس وهي لا تموت. ثم قال : والعام