« وَإِسْماعِيلَ وَإِدْرِيسَ وَذَا الْكِفْلِ كُلٌّ مِنَ الصَّابِرِينَ وَأَدْخَلْناهُمْ فِي رَحْمَتِنا إِنَّهُمْ مِنَ الصَّالِحِينَ » الأنبياء : ٨٥ ٨٦.
وفي الآيات ثناء منه تعالى عليه جميل فقد عده نبيا وصديقا ومن الصابرين ومن الصالحين ، وأخبر أنه رفعه مكانا عليا.
٢ ـ ومن الروايات الواردة في قصته ما عن كتاب كمال الدين وتمام النعمة ، بإسناده عن إبراهيم بن أبي البلاد عن أبيه عن الباقر عليهالسلام : والحديث طويل لخصناه ـ أنه كان بدء نبوة إدريس عليهالسلام ـ أنه كان في زمانه ملك جبار ، وركب ذات يوم في بعض النزهة ـ فمر بأرض خضراء نضرة أعجبته فأحب أن يمتلكها ـ وكانت الأرض لعبد مؤمن فأمر بإحضاره ـ وساومه فيها ليشتريها فلم يبعها ولم يرض به ـ فرجع الملك إلى البلدة وهو مغموم متحير في أمره ـ فاستشار امرأة له كان يستشيرها في هامة الأمور ـ فأشارت عليه أن يقيم عليه شهودا أنه خرج عن دين الملك ـ فيقتله ويملك أرضه ففعل ما أشارت إليه وغصب الأرض.
فأوحى الله إلى إدريس أن يأتي الملك ويقول له عنه : أما رضيت أن قتلت عبدي المؤمن ظلما ـ حتى استخلصت أرضه خالصة لك ـ وأحوجت عياله من بعده وأجعتهم؟ أما وعزتي لأنتقمن له منك في الآجل ـ ولأسلبن ملكك في العاجل ، ولأخربن مدينتك ولأذلن عزك ـ ولأطعمن الكلاب لحم امرأتك ـ فقد غرك يا مبتلى حلمي عنك.
فأتاه إدريس برسالة الله وبلغه ذلك في ملإ من أصحابه ـ فأخرجه الملك من مجلسه ـ ثم أرسل إليه بإشارة من امرأته قوما يقتلونه ، فانتبه لذلك بعض أصحاب إدريس ـ وأشاروا عليه بالخروج والهجرة ـ فخرج منها ليومه ومعه بعض أصحابه ـ ثم ناجى ربه وشكى إليه ما لقيه من الملك في رسالته إليه ـ فأوحى إليه بالخروج من القرية ، وأنه سينفذ في الملك أمره ويصدق فيه قوله ، ثم سأل أن لا تمطر السماء على القرية وما حولها حتى يسأل ذلك ـ فأجيب إليه.
فأخبر إدريس بذلك أصحابه من المؤمنين ـ وأمرهم بالخروج منها فخرجوا وتفرقوا ـ في البلاد وكانوا عشرين رجلا ـ وشاع خبر وحيه وخروجه بين الناس ، وخرج هو