فلما رأى ابنها إدريس وهو يأكل من قرصته ـ اضطرب حتى مات ، قالت أمه : يا عبد الله قتلت ابني جزعا على قوته فقال : لا تجزعي فأنا أحييه لك الساعة بإذن الله ـ وأخذ بعضدي الصبي وقال : أيتها الروح الخارجة عن بدنه بأمر الله ـ ارجعي إلى بدنه بإذن الله وأنا إدريس النبي ، فرجعت روح الغلام إليه.
فلما سمعت أمه كلام إدريس وقوله : أنا إدريس ـ ونظرت إلى ابنها حيا قالت : أشهد أنك إدريس النبي وخرجت تنادي بأعلى صوتها في القرية : أبشروا بالفرج فقد دخل إدريس في قريتكم ، فمضى إدريس حتى جلس على موضع مدينة الجبار الأول ـ وقد تبدلت تلا من تراب فاجتمع إليه أناس من أهل قريته ـ واسترحموه وسألوه أن يدعو لهم فيمطروا. قال : لا ، حتى يأتيني جباركم هذا وجميع أهل قريتكم مشاة حفاة ـ فيسألوني ذلك.
فبلغ ذلك الجبار فبعث إلى إدريس أربعين رجلا ـ وأمرهم أن يأتوا به إليه ، فلما جاءوه وكلفوه الذهاب معهم إليه ، دعا عليهم فماتوا عن آخرهم ، ثم أرسل خمسمائة رجل فلما أتوه كلفوه الذهاب ـ واسترحموه فأراهم مصارع أصحابهم وقال : ما أنا بذاهب إليه ـ ولا سائل حتى يأتيني هو وجميع أهل القرية مشاة حفاة ـ ويسألوني الدعاء للمطر.
فانطلقوا إليه وأخبروه بما قال ـ وسألوه أن يمضي إليه هو وجميع أهل القرية مشاة حفاة ـ ويسألوه أن يسأل الله أن تمطر السماء ـ فأتوه حتى وقفوا بين يديه خاضعين متذللين ـ وسألوه أن يسأل الله أن تمطر السماء عليهم ، فعند ذلك دعا إدريس أن تمطر السماء عليهم ـ فأظلتهم سحابة من السماء ـ وأرعدت وأبرقت وهطلت عليهم من ساعتهم ـ حتى ظنوا أنه الغرق ـ فما رجعوا إلى منازلهم حتى أهمتهم أنفسهم من الماء.
وفي الكافي ، بإسناده عن عبد الله بن أبان عن أبي عبد الله عليهالسلام : في حديث يذكر فيه مسجد السهلة : أما علمت أنه موضع بيت إدريس النبي ـ الذي كان يخيط فيه.
أقول : وقد شاع بين أهل السير والآثار أنه عليهالسلام أول من خط بالقلم وأول من خاط.
وفي تفسير القمي ، قال : وسمي إدريس لكثرة دراسته الكتب.
أقول : ورد في بعض الروايات : في معنى قوله تعالى في إدريس عليهالسلام : « وَرَفَعْناهُ