التخلف عن سبيلهم بإضاعة الصلاة واتباع الشهوات اتباع سبيل الغي إلا من تاب وآمن وعمل صالحا.
فالآيات وخاصة الثلاث الأول منها تتضمن حاق غرض السورة وقد أوردته في صورة الاستنباط من القصص المسرودة فيما تقدم من الآيات ، وهذا مما تمتاز به هذه السورة من سائر سور القرآن الطوال فإنما يشار في سائر السور إلى أغراضها بالتلويح في مفتتح السورة ومختتمها ببراعة الاستهلال وحسن الختام لا في وسطها.
قوله تعالى : « أُولئِكَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ » إلخ ، الإشارة بقوله : « أُولئِكَ » إلى المذكورين قبل الآية في السورة وهم زكريا ويحيى ومريم وعيسى وإبراهيم وإسحاق ويعقوب وموسى وهارون وإسماعيل وإدريس عليهالسلام.
وقد تقدمت الإشارة إليه من سياق آيات السورة وأن القصص الموردة فيها أمثلة ، وأن هذه الآية واللتين بعدها نتيجة مستخرجة منها ، ولازم ذلك أن يكون قوله : « أُولئِكَ » مشيرا إلى أصحاب القصص بأعيانهم مبتدأ ، وقوله : « الَّذِينَ أَنْعَمَ اللهُ عَلَيْهِمْ » صفة له ، وقوله : « إِذا تُتْلى عَلَيْهِمْ » إلخ ، خبرا له فهذا هو الذي يهدي إليه التدبر في السياق. ولو أخذ قوله : « الَّذِينَ أَنْعَمَ اللهُ عَلَيْهِمْ » خبرا لقوله : « أُولئِكَ » فقوله : « إِذا تُتْلى عَلَيْهِمْ » إلخ ، خبر له بعد خبر لكنه لا يلائم غرض السورة تلك الملاءمة.
وقد أخبر الله سبحانه أنه أنعم عليهم وأطلق القول فيهم ففيه دلالة على أنهم قد غشيتهم النعمة الإلهية من غير نقمة وهذا هو معنى السعادة فليست السعادة إلا النعمة من غير نقمة فهؤلاء أهل السعادة والفلاح بتمام معنى الكلمة وقد أخبر تعالى عنهم أنهم أصحاب الصراط المستقيم المصون سالكه عن الغضب والضلال إذ قال : « اهْدِنَا الصِّراطَ الْمُسْتَقِيمَ صِراطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ » الحمد : ٧ ، وهم في أمن واهتداء لقوله : « الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمانَهُمْ بِظُلْمٍ أُولئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ وَهُمْ مُهْتَدُونَ » الأنعام : ٨٢ ، فأصحاب الصراط المستقيم المصونون عن الغضب والضلال ولم يلبسوا إيمانهم بظلم في أمن من كل خطر يهدد الإنسان تهديدا فهم سعداء في سلوكهم سبيل الحياة التي سلكوها والسبيل التي سلكوها ، هي سبيل السعادة.
وقوله : « مِنَ النَّبِيِّينَ » من فيه للتبعيض وعديله قوله الآتي : « وَمِمَّنْ هَدَيْنا