وهو ركوب الطريق الموصل إلى الغاية المقصودة.
فقوله : « فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ » إلخ أي قام مقام أولئك الذين أنعم الله عليهم وكانت طريقتهم الخضوع والخشوع لله تعالى بالتوجه إليه بالعبادة قوم سوء أضاعوا ما أخذوه منهم من الصلاة والتوجه العبادي إلى الله سبحانه بالتهاون فيه والإعراض عنه ، واتبعوا الشهوات الصارفة لهم عن المجاهدة في الله والتوجه إليه.
ومن هنا يظهر أن المراد بإضاعة الصلاة إفسادها بالتهاون فيها والاستهانة بها حتى ينتهي إلى أمثال اللعب بها والتغيير فيها والترك لها بعد الأخذ والقبول فما قيل : إن المراد بإضاعة الصلاة تركها ليس بسديد إذ لا يسمى ترك الشيء من رأس إضاعة له والعناية في الآية متعلقه بأن الدين الإلهي انتقل من أولئك السلف الصالح بعدهم إلى هؤلاء الخلف الطالح فلم يحسنوا الخلافة وأضاعوا ما ورثوه من الصلاة التي هي الركن الوحيد في العبودية واتبعوا الشهوات الصارفة عن الحق.
وقوله : « فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا » أي جزاء غيهم على ما قيل فهو كقوله : « وَمَنْ يَفْعَلْ ذلِكَ يَلْقَ أَثاماً ».
ومن الممكن أن يكون المراد به نفس الغي بفرض الغي غاية للطريق التي يسلكونها وهي طريق إضاعة الصلاة واتباع الشهوات فإذ كانوا يسلكون طريقا غايتها الغي فسيلقونه إذا قطعوها إما بانكشاف غيهم لهم يوم القيامة حيث ينكشف لهم الحقائق أو برسوخ الغي في قلوبهم وصيرورتهم من أولياء الشيطان كما قال : « إِنَّ عِبادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطانٌ إِلَّا مَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْغاوِينَ » الحجر : ٤٢ ، وكيف كان فهو استعارة بالكناية لطيفة.
قوله تعالى : « إِلَّا مَنْ تابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صالِحاً فَأُولئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ وَلا يُظْلَمُونَ شَيْئاً » استثناء من الآية السابقة فهؤلاء الراجعون إلى الله سبحانه ملحقون بأولئك الذين أنعم الله عليهم وهم معهم لا منهم كما قال تعالى : « وَمَنْ يُطِعِ اللهَ وَالرَّسُولَ فَأُولئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَداءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولئِكَ رَفِيقاً » النساء : ٦٩.
وقوله : « فَأُولئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ » من وضع المسبب موضع السبب والأصل