إن المراد بالسمي المماثل مجازا ، وقيل : السمي بمعنى الولد وقيل : هو بمعناه الحقيقي غير أن المراد بالاسم الذي لا مشاركة فيه هو رب السماوات والأرض وقيل : هو اسم الجلالة ، وقيل : هو الإله ، وقيل : هو الرحمن ، وقيل : هو الإله الخالق الرازق المحيي المميت القادر على الثواب والعقاب.
والثالث : أن النكتة في إضافة الرب إلى ضمير الخطاب وتكراره في الآية الأولى إذ قال : بأمر ربك وقال : وما كان ربك ولم يقل : ربنا هي التوطئة لما في ذيل الكلام من توحيد الرب ففي قوله : « رَبِّكَ » إشارة إلى أن ربنا الذي نتنزل عن أمره هو ربك فالدعوة دعوته فاعبده ، ويمكن أن تكون هذه هي النكتة فيما في مفتتح السورة إذ قال : « ذِكْرُ رَحْمَتِ رَبِّكَ » إلخ لأن الآيات كما نبهنا عليه ذات سياق واحد لغرض واحد.
والرابع : أن قوله : « فَاعْبُدْهُ وَاصْطَبِرْ لِعِبادَتِهِ » مسوق لتوحيد العبادة وليس أمرا بالعبادة وأمرا بالثبات عليها وإدامتها إلا من جهة الملازمة فافهم ذلك.
ويمكن أن يستفاد من التفريع أنه تأكيد للبيان الذي يتضمنه السياق السابق على هاتين الآيتين وبذلك يظهر اتصالهما بالآيات السابقة عليهما من غير أن تؤخذا معترضتين من كل جهة.
فكان ملك الوحي لما تنزل عليه صلىاللهعليهوآله بالسورة وأوحى إليه الآيات الثلاث والستين منها وهي مشتملة على دعوة كاملة إلى الدين الحنيف خاطبه صلىاللهعليهوآله بأنه لم يتنزل وليس يتنزل بما تنزل به من عند نفسه بل عن أمر من ربه وبرسالة من عنده فالكلام كلامه والدعوة دعوته وهو رب النبي ورب كل شيء فليعبده وحده فليس هناك رب آخر يعدل عنه إليه فالآيتان مما أوحي إلى ملك الوحي ليلقيه إلى النبي صلىاللهعليهوآله تثبيتا له وتأكيدا للآيات السابقة.
وهذا نظير أن يرسل ملك رسولا بكتاب من عنده أو رسالة إلى بعض عماله فيأتيه الرسول ثم إذا قرأ الكتاب أو أدى الرسالة قال للعامل : إني ما جئتك من عند نفسي بل بأمر من الملك وإشارة منه والكتاب كتابه والرسالة قوله وحكمه وهو مليكك ومليك عامة من في المملكة فاسمع له وأطع وأقم على ذلك فليس هناك مليك غيره حتى