اللهُ الَّذِينَ اهْتَدَوْا هُدىً وَالْباقِياتُ الصَّالِحاتُ خَيْرٌ عِنْدَ رَبِّكَ ثَواباً وَخَيْرٌ مَرَدًّا (٧٦) أَفَرَأَيْتَ الَّذِي كَفَرَ بِآياتِنا وَقالَ لَأُوتَيَنَّ مالاً وَوَلَداً (٧٧) أَطَّلَعَ الْغَيْبَ أَمِ اتَّخَذَ عِنْدَ الرَّحْمنِ عَهْداً (٧٨) كَلاَّ سَنَكْتُبُ ما يَقُولُ وَنَمُدُّ لَهُ مِنَ الْعَذابِ مَدًّا (٧٩) وَنَرِثُهُ ما يَقُولُ وَيَأْتِينا فَرْداً (٨٠) )
( بيان )
هذا هو الفصل الثاني من كلماتهم المنقولة عنهم ، وهو ردهم الدعوة النبوية بأنها لا تنفع في حسن حال المؤمنين بها شيئا ولو كانت حقة لجلبت إليهم زهرة الحياة الدنيا التي فيها سعادة العيش من أبنية رفيعة وأمتعة نفيسة وجمال وزينة ، فالذي هم عليه من الكفر وقد جلب لهم خير الدنيا خير مما عليه المؤمنون وقد غشيهم رثاثة الحال وفقد المال وعسرة العيش ، فكفرهم هو الحق الذي ينبغي أن يؤثر دون الإيمان الذي عليه المؤمنون وقد أجاب الله عن قولهم بقوله : « وَكَمْ أَهْلَكْنا » إلخ ، وقوله : « قُلْ مَنْ كانَ فِي الضَّلالَةِ » إلخ ، ثم عقب ذلك ببيان حال بعض من اغتر بقولهم.
قوله تعالى : « وَإِذا تُتْلى عَلَيْهِمْ آياتُنا » إلى آخر الآية ، المقام اسم مكان من القيام فهو المسكن ، والندي هو المجلس وقيل خصوص مجلس المشاورة ، ومعنى « قالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلَّذِينَ آمَنُوا » أنهم خاطبوهم فاللام للتبليغ كما قيل ، وقيل : تفيد معنى التعليل أي قالوا لأجل الذين آمنوا أي لأجل إغوائهم وصرفهم عن الإيمان ، والأول أنسب للسياق كما أن الأنسب للسياق أن يكون ضمير عليهم راجعا إلى الناس أعم من الكفار والمؤمنين دون الكفار فقط حتى يكون قوله : « قالَ الَّذِينَ كَفَرُوا » من قبيل وضع الظاهر موضع المضمر.
وقوله : « أَيُّ الْفَرِيقَيْنِ خَيْرٌ مَقاماً وَأَحْسَنُ نَدِيًّا » أي للاستفهام والفريقان هما