٣٨ ـ كتاب المقنع :
له أيضا ، وهو داخل في فهرست مآخذ الوسائل (١) ، إلاّ أنّ المؤلّف رحمهالله لم ينقل منه إلاّ ما صرح فيه بالرواية ، وترك باقيه لزعمه انّه من كلامه ، والحقّ إنّ ما فيه عين متون الأخبار الصحيحة ، بالمعنى الأخصّ الذي عليه المتأخّرون ، لا لما اشتهر من أنّ فتاوى القدماء في كتبهم متون الأخبار ، وإن كان حقّا ، ولذا كانوا يرجعون إلى شرائع أبيه ـ وهو رسالته إليه ـ عند اعوزاز النصوص ، بل لأمرين آخرين :
الأوّل : تصريحه بذلك في أوّل الكتاب ، قال رحمهالله بعد الخطبة : قال محمد بن عليّ : ثمّ إنّي صنّفت كتابي هذا ، وسمّيته كتاب المقنع لقنوع من يقرؤه بما فيه ، وحذفت الإسناد منه لئلاّ يثقل حمله ، ولا يصعب حفظه ، ولا يملّه قارئه ، إذ كان ما أبيّنه فيه في الكتب الأصوليّة موجودا ، مبيّنا عن المشايخ العلماء ، الفقهاء الثقات رحمهمالله أرجو بذلك ثواب الله ، وأبتغي به مرضاته ، وأطلب الأجر عنده (٢) ، وهذه العبارة كما ترى متضمّنة لمطالب :
الأوّل : إنّ ما في الكتاب خبر كلّه ، إلاّ ما يشير إليه.
الثاني : إنّ ما فيه من الأخبار مسند كلّه ، وعدم ذكر السند فيه للاختصار ، لا لكونها من المراسيل.
الثالث : إنّ ما فيه من الأخبار مأخوذ من أصول الأصحاب ، التي هي مرجعهم ، وعليها معوّلهم ، وإليها مستندهم ، وفيها مباني فتاويهم.
الرابع : إنّ أرباب تلك الأصول ورجال طرقه إليها ، من ثقات العلماء ،
__________________
(١) وسائل الشيعة ٣٠ : ١٥٤ / ١٧ ، في ذكر الكتب المعتمدة.
(٢) المقنع : ٢.