وفي أمالي الصدوق قدسسره : بإسناده عن الفضيل بن عيّاض ، قال سألت أبا عبد الله عليهالسلام عن أشياء من المكاسب ، فنهاني عنها ، وقال : « يا فضيل والله لضرر هؤلاء على هذه الأمّة أشدّ من ضرر الترك والديلم » ، وسألته عن الورع من الناس ، قال : « الذي يتورّع عن محارم الله ، ويتجنّب هؤلاء ، وإذا لم يتّق الشبهات وقع في الحرام وهو لا يعرفه ، وإذا رأى منكرا فلم ينكره وهو يقدر عليه ، فقد أحبّ أن يعصى الله [ ومن أحب أن يعصى الله ] فقد بارز الله بالعداوة ، ومن أحبّ بقاء الظالمين فقد أحبّ أن يعصى الله ، إنّ الله تبارك وتعالى حمد نفسه على هلاك الظالمين ، فقال : ( فَقُطِعَ دابِرُ الْقَوْمِ الَّذِينَ ظَلَمُوا وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ ) (١) » (٢).
وقال الأستاذ الأكبر في التعليقة : وفي هذه الرواية ربّما يكون إشعار بأنّ فضيلا ليس عاميّا ، فتأمل. ثم ذكر خبرا من العيون فيه إشعار بعاميّته (٣).
وقد أخرج الكليني قدسسره عنه خبرا ، في باب الحسد (٤) ، وآخر في آخر باب الإيمان والكفر (٥) ، وآخر في باب الكفالة والحوالة (٦).
وبالجملة فلا أستبعد أن يكون المصباح هو النسخة التي رواها الفضيل ، وهو على مذاقه ومسلكه ، والذي اعتقده أنّه جمعه من ملتقطات كلماته عليهالسلام ، في مجالس وعظه ونصيحته ، ولو فرض فيه شيء يخالف مضمونه بعض
__________________
(١) الأنعام ٦ آية ٤٥.
(٢) لم نقف على هذا الحديث في النسخ المطبوعة من الأمالي. ورواه الشيخ الكليني في الكافي ٥ : ١٠٨ حديث ١١.
(٣) تعليقة الوحيد على منهج المقال : ٢٦١ ، وانظر عيون أخبار الرضا ١ : ٨١ قطعة من حديث ٩.
(٤) الكافي ٢ : ٢٣٢ حديث ٧.
(٥) الكافي ٢ : ٣٣٤ حديث ٢.
(٦) لم نعثر على حديث للفضيل في الباب المذكور. وإنّما في الباب الذي يليه وهو باب « عمل السلطان وجوائزهم » الكافي ٥ : ١٠٨ حديث ١١.