ابن محمد بن عليان الخازن ـ أدام الله توفيقه ـ قال : أخبرني أبو محمد الحسن بن محمد بن جمهور.
وقال هارون بن موسى التلعكبري ـ رضياللهعنه ـ : حدّثنا محمد بن هشام بن سهل ـ رحمهالله ـ قال : حدّثنا الحسن بن محمد بن جمهور ، قال : حدّثني أبي ـ وكان عالما بأبي الحسن علي بن موسى الرضا عليهماالسلام خاصّة به ، ملازما لخدمته ، وكان معه حين حمل من المدينة ، إلى أن سار إلى خراسان ، واستشهد عليهالسلام بطوس ، وهو ابن تسع وأربعين سنة ـ قال : وكان المأمون في نيشابور ، وفي مجلسه سيّدي أبو الحسن الرضا عليهالسلام ، وجماعة من المتطبّبين والفلاسفة ، مثل يوحنّا بن ماسويه ، وجبرئيل بن بختيشوع ، وصالح ابن سلهمة (١) الهندي ، وغيرهم من منتحلي العلوم ، وذوي البحث والنظر.
فجرى ذكر الطبّ وما فيه صلاح الأجسام وقوامها ، فأغرق المأمون ومن بحضرته في الكلام ، وتغلغلوا في علم ذلك ، وكيف ركّب الله تعالى هذا الجسد ، وجميع ما فيه من هذه الأشياء المتضادّة من الطبائع الأربع ، ومضارّ الأغذية ومنافعها ، وما يلحق الأجسام من مضارّها من العلل.
قال : وأبو الحسن عليهالسلام ساكت لا يتكلّم في شيء من ذلك ، فقال له المأمون : ما تقول يا أبا الحسن في هذا الأمر الذي نحن فيه هذا اليوم ، والذي لا بدّ منه من معرفة هذه الأشياء ، والأغذية النافع منها والضارّ ، وتدبير الجسد؟.
فقال أبو الحسن عليهالسلام : « عندي من ذلك ما جرّبته ، وعرفت صحّته بالاختبار ومرور الأيّام ، مع ما وقفني (٢) عليه من مضى من السلف ، ممّا لا يسع الإنسان جهله ، ولا يعذر في تركه ، فأنا أجمع ذلك مع ما يقاربه مما يحتاج
__________________
(١) نسخة بدل : ملهمة.
(٢) التوقيف : الاطلاع ، يقال وقفته على ذنبه : أي أطلعته عليه ، ويقال : وقفته على الكلمة توقيفا أي بينتها. ( لسان العرب ٩ : ٣٦١ )