ومثله لا يتّهم في نقل الأخبار من مواردها ، ولو فتحنا هذا الباب على أجلاّء هذه الطائفة ، لأفضى بنا الحال الى الوقوع على أمور لا نحبّ ذكرها ، على أنّا تتبعنا ما تضمّنه هذا الكتاب من الأخبار ، فحصل الاطّلاع على أماكنها التي انتزعها منه ، مثل الأصول الأربعة وغيرها ، من كتب الصدوق وغيره من ثقات أصحابنا أهل الفقه والحديث. قال : وأمّا اطّلاعه وكمال معرفته بعلم الفلسفة وحكمتها ، وعلم التصوف وحقيقته ، فغير قادح في جلالة شأنه ، فإنّ أكثر علمائنا من القدماء والمتأخّرين قد حقّقوا هذين العلمين ، ونحوهما من الرياضي ، والنجوم ، والمنطق ، وهذا غنيّ عن البيان ، وتحقيقهم لتلك العلوم ونحوها ليس للعمل بأحكامها وأصولها ، والاعتقاد بها ، بل لمعرفتهم بها ، والاطّلاع على مذاهب أهلها.
ثمّ نقل قصصا عن الشهيد الثاني ، وابن ميثم ، والشيخ البهائي ، تناسب المقام لا حاجة الى نقلها.
فظهر أنّ الحقّ الحقيق أن يعامل الفقيه المستنبط بأخبار البابين ، معاملته بما في كتب أصحاب المجاميع من الأحاديث ، وما في طرفي الكتاب خصوصا أوّله ، وإن كان مختلطا إلاّ أنّ بالنظر الثاقب يمكن تمييز غثّه من سمينة ، وصحيحه من سقيمه.
بقي التنبيه على شيء ، وهو أنّ المعروف الدائر في ألسنة أهل العلم ، والكتب العلميّة « الغوالي » ـ بالغين المعجمة ـ ولكن حدّثني بعض العلماء ، عن الفقيه النبيه ، المتبحّر الماهر ، الشيخ محسن خنفر ـ طاب ثراه ، وكان من رجال علم الرجال ـ أنّه بالعين المهملة ، فدعاني ذلك الى الفحص فتفحّصت ، فما رأيت من نسخ الكتاب وشرحه فهو كما قال ، وكذا في مواضع كثيرة من الإجازات التي كانت بخطوط العلماء الأعلام ، بحيث اطمأنّت النفس بصحّة ما قال ، ويؤيّده أيضا أنّ المحدّث الجزائري سمّى شرحه : الجواهر الغوالي ـ بالمعجمة ـ فلاحظ ، والله العالم.