الرواية عنهم ، من أنهم رووا عن الضعاف فيما إذا كانت الرواية متواترة أو مستفيضة ، ولا يمكن تفكيك المتواتر والمستفيض في أيامنا هذه حتى يقال : أن الكلام في أخبار الآحاد التي نقلوها لا غير ، فان الكلّ غالباً يتجلى بشكل واحد.
وثانياً : كما إن حصر وجه الصحة بالقرائن الخارجية بعيد ، كذلك حصر وجهها بالقرائن الداخلية التي منها وثاقة الراوي بعيد مثله ، والقول المتوسط هو الأدق ، وهو أنهم كانوا ملتزمين بنقل الروايات الصحيحة الثابت صدورها عن الإمام ، إما من جهة القرائن الخارجية أو من جهة القرائن الداخلية ، وعندئذ لا يمكن الحكم بوثاقة مشايخهم ، أعني الذين رووا عنهم إلى أن ينتهي إلى الإمام ، لعدم التزامهم بخصوص وثاقة الراوي ، بل كانوا يستندون إلى الأعمّ منها ومن القرائن المورثة للاطمئنان بالصدور.
والاستبعاد الذي بسط المحدث النوري الكلام فيه ، إنما يتّجه لو قلنا باقتصارهم بما دلَّت القرائن الخارجية على صحتها كما لا يخفى.
وثالثاً : لو كان المراد هو توثيقهم وتوثيق من بعدهم لكان عليه أن يقول ، « أجمعت العصابة على وثاقة من نقل عنه واحد من هؤلاء » أو نحو ذلك من العبارات حتى لا يشتبه المراد ، وما الدّاعي إلى ذكر تلك العبارة التي هي ظاهرة في خلاف المقصود (١).
ورابعاً : فان اطلاع العصابة على جميع الافراد الذين يروي هؤلاء الجماعة عنهم بلا واسطة ومعها بعيد في الغاية لعدم تدوين كتب الحديث والرجال في تلك الاعصار بنحو يصل الكلّ إلى الكلّ.
الوجه الثاني : إنَّ الشيخ قال في « العدّة » : « وإذا كان أحد الراويين مسنداً والآخر مرسلا ، نظر في حال المرسل ، فان كان ممِّن يعلم أنه لا يرسل
__________________
١ ـ الطهارة لسيدنا الاستاذ : ١ / ١٨٨.