محصور لعدم انحصار رواياتهم بما في كتبهم ، والعلم باقتران هذه الروايات بها أمر مشكل جدّاً.
والحاصل أن الحكم بصحة روايات هؤلاء ، لو كان مستنداً إلى القرائن الداخلية كوثاقة من يروون عنه ، لكان لهذه الدعوى الكلية وجه ، لامكان احراز ديدنهم على أنهم لا يروون إلا عن ثقة ، كما هو المشهور في حق ابن أبي عمير وصفوان والبزنطي ، وأما لو كان الحكم بالصحة مستنداً إلى القرائن الخارجية التي تفيد الاطمئنان بصدق الخبر ، فاحراز تلك القرائن في عامة ما يروونه من الاخبار ، إنما يصحّ إذا كانت أحاديثهم محصورة في كتاب أو عند راو سمعها منهم ، يمكن معه الاطلاع على الاقتران بالقرائن أو عدمه ، وأما إذا لم يكن كذلك ، فالحكم بصحة كل ما صح عن هؤلاء من غير تخصيص بكتاب أو اصل أو احاديث معيَّنة ، يعدّ من المحالات العادية ، ولأجله يكون ذلك الاحتمال ساقطاً عن الاعتبار.
وبعبارة ثالثة ؛ إنه يمكن احراز ديدن جماعة خاصة والتزامهم بعدم الرواية إلا عن ثقة ، فاذا صحَّ الخبر إلى هؤلاء ، يمكن الحكم بالصحة لوثاقة من يروون عنه ، لاجل الالتزام المحرز ، وأما احراز كون عامة اخبارهم مقرونة بالقرائن حتى يصحّ الحكم بصحة أخبارهم من هذه الجهة ، فاحراز تلك القرائن مع كثرة رواياتهم ، وتشّتتها في مختلف الابواب والكتب ، محال عادة.
ولا يخفى ما فيه ، أما أولاً : فلأن معناه أن هؤلاء كانوا ملتزمين بنقل الروايات التي روتها الثقات لهم ، وكانوا يحترزون عن نقل الروايات إذا روتها الضعاف ، وعلى هذا يجب أن يتحرزوا عن نقل الروايات المتواترة أو المستفيضة إذا كان رواتها ضعافاً ، وهذا مّما لا يمكن المساعدة معه ، إذ لا وجه لترك الرواية المتواترة أو المستفيضة وان كان رواتها ضعافاً أو مجاهيل ، إذ لا تشترط الوثاقة فيهما ، فبطل القول بأنهم كانوا ملتزمين بنقل الروايات التي ترويها الثقات فقط ، وعندئذ كيف يمكن الحكم بوثاقة عامة مشايخهم بمجرد